معه سوى رجلين أحدهما يسمى توكل والآخر مهتر فخر الدين فقتل توكل ونجا فخر الدين جريحا والقى منصور نفسه بين القتلى ولم يدر تيمور ما جرى له فامر بتفتيش الجرحى فعثر رجل العسكر عليه وهو باخر رمق فأعطاه جواهر كانت معه على أن يكتم امره وينقله من بين القتلى فلم يفعل وقطع رأيه واتى به إلى تيمور فعرفوه بشامة في وجهه وأسف تيمور لقتله وقتل قاتله واستولى تيمور على فارس وعراق العجم وراسل من داناه من أقارب شاه شجاع وسائر الملوك وأمن الحاضر والبادي والداني والقاصي واتى شيراز فضبط أحوالها ولبت دعوته ملوك البلاد فوصل اليه السلطان احمد من كرمان والشاه يحيى من يزد وعصى عليه السلطان أبو إسحاق في شيرجان فانعم وخلع على من أطاعه ولم يتعرض لمن عصاه ونادى بالأمان في شيراز وسائر البلدان وأقام في كل بلدة نائبا من جهته وأحسن إلى زين العابدين الذي أوصى به اليه أبوه شاه شجاع ووظف له من الجوامك والادرارات ما يكفيه قال ابن حجر ثم تحول إلى فارس وفيها أعيان بني المظفر اليزدي فملكها.
اخذه مدينة قراباع عن ابن اياس في تاريخه انه في سنة 787 حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد القان أحمد بن أويس صاحب بغداد واخبر ان تيمور لنك قد وصل إلى مدينة قراباع ونهبها وسبى أهلها فأرسل القان احمد يعرف السلطان بذلك ليكون على حذر من امره انتهى والمراد بالسلطان وبالأبواب الشريفة هو السلطان برقوق صاحب مصر وبلاد الشام.
قصده تبريز كانت تبريز وبغداد للسلطان احمد ابن الشيخ أويس الجلائري وقد مر ان الشاه ولي صاحب مازندران فر من تيمور إلى أحمد بن أويس صاحب تبريز وبغداد سنة 784 ومر عن البدر الطالع ان تيمور زحف على تبريز سنة 788 فهلك الشاه ولي في حروبه عليها وملكها تيمور ومر أيضا تجهيز السلطان احمد العساكر لحرب تيمور وانهزام عساكر السلطان احمد ورجوع عساكر تيمور. قال ابن عربشاه في عجائب المقدور فلما فرع تيمور من همذان قصد تبريز فهرب منها صاحبها السلطان احمد ابن الشيخ أويس إلى بغداد.
قلعة النجاء قال وجهز السلطان احمد ما يخاف عليه صحبة ابنه السلطان طاهر إلى قلعة النجاء، فدخل تيمور تبريز واستولى عليها ووجه العساكر إلى قلعة النجاء لأنها كانت معقل السلطان احمد وبها ولده وزوجته وذخائره وهي قلعة حصينة وتوجه تيمور إلى بغداد وكان الوالي بالنجاء رجل شديد الباس يدعى ألتون ومعه نحو ثلاثمائة رجل فكان ألتون يغير بهم ليلا على عساكر تيمور من طرق غامضة ويعود إلى القلعة. فأبلغوا تيمور ذلك فأمدهم بنحو أربعين ألف مقاتل مع أربعة امراء كبيرهم يدعى قبلغ تيمور فوصلوا إلى القلعة، وكان ألتون غائبا عنها في الإغارة على عسكر تيمور فبينا هو راجع إذ رآهم فعلم أنه لا منجى له منهم الا حد السيوف فحمس أصحابه وذمرهم وحمل بتلك العدة القليلة على هذا العسكر الجرار فقتل فيهم وقتل منهم اميرين أحدهما قبلغ تيمور ودخل القلعة، ولما بلغ ذلك تيمور عظم عليه ونهض إليها بنفسه، وكان التون قد تربى في تلك القلعة فهو خبير بطرقها الغامضة فجعل يغير على عسكر تيمور ليلا كما كان يفعل أولا حتى اعجز تيمور وأصحابه فارتحل تيمور عنها بعد ان رتب عليها اليزك للحصار، قيل إنه حاصرها مدة اثنتي عشرة سنة ولم يقدر عليها حتى حصل من أخي ألتون خيانة مع أم السلطان طاهر ابن السلطان احمد فقتلهما طاهر وكان التون غائبا عن القلعة قد خرج للغارة فلما رجع أغلقوا باب القلعة دونه ورموا بأخيه من فوق السور اليه وأخبروه خبره فقال أما أخي فقد اخذ بجنايته واما انا فلم أزل على الوفاء لكم فقالوا ربما أدركتك الحمية لقتل أخيك فحلف لهم أيمانا مغلظة على الوفاء فلم يقبلوا منه فخرج هائما على وجهه، وتفرق عنه أصحابه وقصد مدينة مرند، وهي في حكم تيمور فقتله حاكمها وأرسل رأسه إلى تيمور فغضب لقتله واسف عليه وعزل الحاكم ثم صادره وقتله ثم إن السلطان طاهرا ضعف وخرج من القلعة واستولى عليها تيمور.
ما جرى له في أصبهان قال وتوجه إلى أصبهان فخرج اليه أهلها وصالحوه على مال وأرسل إليهم من يقبضه منهم من الأعوان فتعنتوهم فشكا الأصفهانيون ذلك إلى رئيسهم فاتفقوا ان يضرب بالطبل عند المساء فإذا سمعوا صوت الطبل قتل كل منهم نزيله من عسكر تيمور فلما مضى بعض الليل ضرب الرئيس الطبل فقتلوا أصحاب تيمور وكانوا ستة آلاف فلما طلع الفجر بلغ تيمور ذلك فارتحل من فوره ودخل المدينة وقتل أهلها قتلا عاما ونهبها انتهى عجائب المقدور وفي التاريخ الفارسي في يوم الاثنين ثامن ذي القعدة سنة 789 خالف عليه أهل أصفهان وقتلوا بعض العساكر فقتلهم قتلا عاما حتى قتل منهم سبعين ألفا. وفي البدر الطالع بعد ما ذكر انه ملك تبريز سنة 788 قال ثم زحف إلى أصبهان فأطاعوه طاعة ممرضة وخالفه في قومه كبير من أهل نسبه يعرف بقمر الدين واعانه طقتمش فكر راجعا وحارب قمر الدين إلى أن محا أثره واستقل بسلطان المغول وزاحم طقتمش مرارا حتى أوهن امره، وقال ابن حجر ثم ملك أصبهان وفي غضون ذلك خالف عليه أمير من جماعته يقال له قمر الدين واعانه طقتمش خان صاحب صراي فرجع إليهم ولم يزل يحاربهم إلى أن أبادهم واستقل بمملكة المغل وعاد إلى أصبهان سنة 794 فملكها انتهى، وطقتمش هذا هو ملك القبجاق ويقال توقتمش وتوقتاميش وستأتي اخباره مفصلة سنة 797 وانما ذكر هنا لان تيمور وهو في أصبهان بلغه مخالفة قمر الدين عليه وإعانة طقتمش له فسافر اليهما ثم عاد إلى أصفهان.
رجوعه إلى سمرقند وبناؤه القلاع والحصون في عجائب المقدور وتوجه إلى سمرقند فلما وصلها ارسل ابن ابنه محمد سلطان ابن جهانكير مع الأمير سيف الدين إلى أقصى مملكته وهو وراء سيحون شرقا وهو نحو من مسيرة شهر عن ممالك ما وراء النهر فنظروا في أمورها وبنوا جملة من القلاع وأقصاها بلد يسمى اشبارة فبنوا فيه حصنا وخطب من بنات ملوكهم الملكة الكبرى والملكة الصغرى فاجابه الملك إلى ما طلب وارتجت منه أقاليم المغول والخطا وكان السفير في ذلك الله داد أخو الأمير سيف الدين المتقدم وهو الذي استخلص أموال دمشق ونزل في دار ابن مشكور.
المدينة المسماة شاهرخية وسبب تسميتها بذلك قال وامر تيمور ببناء مدينة على طرف سيحون من ذلك الجانب وعقد إليها جسرا على السفن وسماها شاهرخية وسبب ذلك ان تيمور كان مولعا بلعب الشطرنج ومن جملة قطع الشطرنج قطعة تسمى شاهرخ فرمى