باب استكثار الطاعة والعجب بالأعمال (1).
النجم: * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) *.
الكافي: عن مولانا الصادق (عليه السلام) قال: إن الله تعالى علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب، ولولا ذلك لما ابتلي مؤمن بذنب أبدا.
بيان: العجب استعظام العمل الصالح، واستكثاره والابتهاج له، وأن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير، وأما السرور به مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق لذلك فهو حسن ممدوح. والحديث يدل على أن العجب أشد من الذنب، أي من ذنوب الجوارح، فإن العجب من ذنب القلب، وذلك أن الذنب يزول بالتوبة، ويكفر بالطاعات، والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها، ويفسد الطاعات ويهبطها عن درجة القبول.
وللعجب آفات كثيرة، فإنه يدعو إلى الكفر، وإلى نسيان الذنوب وإهمالها، والمعجب يغتر بنفسه وبربه، ويأمن مكر الله وعذابه، ويظن أنه عند الله بمكان، وأن له على الله منة وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطية من عطاياه، ثم إن إعجابه بنفسه ورأيه وعلمه وعقله يمنعه من الاستفادة والاستشارة والسؤال، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه، وربما يعجب بالرأي الخطأ الذي خطر له فيصر عليه، وآفات العجب أكثر من أن تحصى (2). وذكر الحديث في البحار (3).
الكافي: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال: أتى عالم عابدا، فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسأل عن عبادته، وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا. فقال: كيف بكاؤك؟ قال: أبكي حتى تجري دموعي. فقال له العالم:
فإن ضحكك وأنت خائف، أفضل من بكائك وأنت مدل، وأن المدل لا يصعد من عمله شئ.