كان ورد النار. قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، فقال لي: يا صفوان! بلغني أنك بعت جمالك. قلت: نعم. فقال:
ولم؟ فقلت: أنا شيخ كبير، وإن الغلمان لا يفون بالأعمال. فقال: هيهات! هيهات!
إني لأعلم من أشار إليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر. قلت: مالي ولموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (1).
مناقب ابن شهرآشوب: علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية، فقال لي: استأذن لي على أبي عبد الله (عليه السلام)، فاستأذنت له، فلما دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك! إني كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، فأغمضت في مطالبه. فقال أبو عبد الله صلوات الله عليه: لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم، ويجبى لهم الفئ، ويقاتل عنهم، ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا ولو تركهم الناس، وما في أيديهم، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم. فقال الفتى: جعلت فداك! فهل لي من مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟
قال: أفعل. قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم. فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله الجنة. قال: فأطرق الفتى طويلا، فقال: قد فعلت جعلت فداك.
قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة، فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمنا له قسمة، واشترينا له ثيابا، وبعثنا له بنفقة، قال: فما أتى عليه أشهر قلائل حتى مرض وكنا نعوده قال: فدخلت عليه يوما وهو في السياق، ففتح عينيه، ثم قال: يا علي! وفى لي والله صاحبك، قال: ثم مات فولينا أمره فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما نظر إلي قال: يا علي! وفينا والله لصاحبك. قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا قال لي والله عند موته (2).