كلمات أبي الهذيل العلاف في حقيقة العشق في الروضات (1).
نهج البلاغة: قال (عليه السلام) في خطبة 108: ومن عشق شيئا أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع باذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه فهو عبد لها ولمن في يديه شئ منها - الخ.
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المجلد الآخر في الحكم المنسوبة إليه صلوات الله عليه قال في حكمة 46: العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض، وفيه 807: العشق جهد عارض، صادف قلبا فارغا.
وينبغي هنا نقل كلام الشيخ المتبحر النوري في نفس الرحمن في العشق وملخصه كما في السفينة: إن العشق هو الإفراط في الحب وعرفته الأطباء بأنه مرض وسواسي يجلبه الإنسان إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل التي تكون له، ويعتري للعزاب والبطالين والرعاع، ويزيد بالنظر والسماع، وينقص بالسفر والجماع.
وقالوا: لا علاج أنفع من الوصال. وقال بعضهم: إنه ربما لا يكون معه شهوة مجامعة، بل كان المطلوب مطلق المشاهدة والوصال. وهذا الصنف منه يعتري للعارفين وكبراء النفوس، وينتقلون من هذا العشق المجازي إلى الحقيقي وهو معرفة الله عز وجل.
قال شيخنا في رد هذا الكلام: هذا طريق كلما ازداد صاحبه سيرا زاد بعدا عن ساحة معرفة الحق، التي هي غاية سير السالكين، فإن خلو القلب عن حبه تعالى هو السبب الأعظم في استحسان الصور، فكيف يصير طريقا له، وقد أبان من لا يعرف الله إلا بمعرفتهم طرق الوصول إلى معرفته، وليس فيها حب الفتيان والأمارد للانتقال إلى حبه تعالى إلا أن يكون إكمال الدين وإتمامه بيد هؤلاء الذين هم غيلان الدين ولصوص شريعة سيد المرسلين.