رسول الله هاتكة حجابا قد ضربه علي، فاتقي الله واجعلي حصنك بيتك، ورباعة الستر قبرك حتى تلقيه، وأنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته، وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه، لو ذكرتك بقول تعرفينه نهشت نهش الرقشاء المطرق.
فقالت عائشة: ما أقبلني لوعظك! وما أعرفني بنصحك، وليس الأمر على ما تظنين، ولنعم المسير مسيرا فزعت إلي، فيه فئتان متشاجرتان إن أقعد ففي غير حرج، وإن أنهض فإلى ما لا بد من الازدياد منه.
فقالت أم سلمة:
لو كان معتصما من زلة أحد * كانت لعائشة العتبى على الناس كم سنة لرسول الله دارسة * وتلو آي من القرآن مدراس قد ينزع الله من قوم عقولهم * حتى يكون الذي يقضي على الرأس ثم قال (رحمه الله) تفسيره: قولها رحمة الله عليها: " إنك سدة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أي إنك باب بينه وبين أمته، فمتى أصيب ذلك الباب بشئ فقد دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حريمه وحوزته، فاستبيح ما حماه فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك.
وقولها: " فلا تندحيه " أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة والخروج، يقال: ندحت الشئ إذا وسعته. ومنه يقال: أنا في مندوحة عن كذا أي في سعة.
وتريد بقولها: " قد جمع القرآن ذيلك " قول الله عز وجل: * (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) *.
وقولها: " وسكن عقيراك " من عقر الدار، وهو أصلها وأهل الحجاز يضمون العين وأهل نجد يفتحونها، فكانت عقيرا اسم مبني من ذاك على التصغير، ومثله مما جاء مصغر " الثريا، والحميا " وهي سورة الشراب، ولم يسمع " بعقيرا " إلا في هذا الحديث.
وقولها: " فلا تصحريها " أي لا تبرزيها وتباعديها وتجعليها بالصحراء، يقال: