إقرأه وكان كتابا في أكبر جلد، فلم يزل قائما حتى قرأه فلما فرغ قال له أبو الحسن (عليه السلام): يا فضل لك علينا هذا ما اتقيت الله عز وجل. قال ياسر: فنقض عليه أمره في كلمة واحدة (1).
ومما يخبر عن حلمه ومكارم أخلاقه، ما جرى بينه وبين أخيه العباس في نسخة وصية أبيهما موسى بن جعفر (عليه السلام) ويناسب هنا ذكرها وهي مذكورة في السفينة والبحار.
أما نسخة العيون (2). ورويت هذه الوصية في الكافي بنحو أبسط، وأورده العلامة المجلسي في البحار (3).
عيون أخبار الرضا (عليه السلام): الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم قال: لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل إعتل أبو الحسن (عليه السلام) فدخلنا طوس، وقد اشتدت به العلة فبقينا بطوس أياما، فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين، فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذلك اليوم.
فقال لي بعدما صلى الظهر: يا ياسر أكل الناس شيئا؟ قلت: يا سيدي من يأكل هاهنا مع ما أنت فيه. فانتصب ثم قال: هاتوا المائدة، ولم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة، يتفقد واحدا واحدا، فلما أكلوا قال: ابعثوا إلى النساء بالطعام، فحمل الطعام إلى النساء، فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف، فوقعت الصيحة.
وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات، ووقعت الوجبة بطوس، وجاء المأمون حافيا حاسرا يضرب على رأسه ويقبض على لحيته، ويتأسف ويبكي، وتسيل الدموع على خديه. فوقف على الرضا (عليه السلام) وقد أفاق.
فقال: يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي: فقدي لك وفراقي