بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة، ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أممهم، فيأبون حملها، ويشفقون من ادعائها، وحملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، وذلك قول الله تعالى: * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) * - الآية.
بيان: يظهر من الرواية أن حمل الأمانة غير حفظها. يرشدك إليه قوله (عليه السلام): فلم تزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة - إلى قوله: فيأبون حملها، فالمراد بحملها إدعاؤها بغير حق. قال الزجاج: كل من خان الأمانة فقد حملها، ومن لم يحملها فقد أداها (1).
وأما أقوال المفسرين في هذه الآية فقيل: هي التكليف بالأوامر والنواهي، والمعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الأجرام، وكانت ذات شعور لأبين أن يحملنها. وقيل: المراد الطاعة التي تعم الاختيارية والطبيعية. وقيل: إنه تعالى لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهما. وقيل: المراد بالأمانة العقل أو التكليف أو القدرة والاختيار، وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن وبإبائها الإباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد، وبحمل الإنسان قابليته، واستعداده لها، وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية.
وقيل غير ذلك، فراجع (2).
وأما أخبار عرض الولاية على الأشياء، فما قبلها وأقر بها طاب وصار ذا امتياز، ومن لم يقبلها ولم يقر بها خبث وردى.
روى السيد في كتاب الإقبال في فصل فضل يوم الغدير نقلا من كتاب النشر والطي عن مولانا الرضا صلوات الله عليه في حديث: وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السماوات السبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة فزين بها