ومن هنا كان التعبير من الإفراط في حب الله تعالى بالعشق خروجا عن طريق محاورة الأئمة ومصطلحهم، ولم يعهد التعبير عنهم به في أدعيتهم ومناجاتهم وبيانهم لصفات المتقين والمؤمنين، وذكرهم لصفات الإمام وخصائصه وفضائله، ولا عن الذين كانوا لهم أخصاء وأولياء في السر والعلانية.
أرأيت أحدا في السالكين أعشق على مصطلح هؤلاء عن سيد الساجدين؟
أو رأيت في حكمه ومناجاته لفظ العشق؟ والذي رام التشبه بهم لا يخرج عن سننهم وآدابهم في جميع المراتب بما يقدر عليه من الأفعال والأقوال والحركات والسكنات.
بل في توقيفية الأسماء الإلهية ما يغني عن التطويل، فإن كثيرا من الألفاظ نراها إطلاقها على الله صحيحا بحسب معناها اللغوي أو العرفي. بل قد ورد إطلاق لفظ عليه تعالى دون ما يرادفه، فلا يجوز استعماله إذ الضابط في جوازه وروده لا صحة معناه وعدم ورود لفظ العشق، وما يشتق منه في أسماء الله تعالى كورود لفظ الحب والحبيب.
وفي صفات أوليائه الأكرمين دليل إما على عدم جواز استعماله أو كراهتهم له لدخول الشهوة في معناه العرفي وإلا فكان الأولى اختصاص نبينا (صلى الله عليه وآله) بالعاشق لا الحبيب، كما اختص إبراهيم بالخليل وموسى بالكليم وعيسى بروح الله.
والعجب من السيد المحدث الجزائري حيث ملأ في كتاب المقامات وفي نور حبه من كتاب أنواره لفظ العشق الحقيقي والمجازي، والتعبير عن أولياء الله بعشاق الله، وعن الإمام بسيد العاشقين، وهو منه في غاية العجب، وإن لم يكن عجبا من غيره ممن نبذ الأخبار وراءه ظهريا - إنتهى.
عشا: باب الغداء والعشاء وآدابهما (1).
العشاء كسماء، والعشي طعام العشي جمع أعشية.