إعلم أن القول بالمعاد الجسماني مما اتفق عليه جميع المليين، وهو من ضروريات الدين، ومنكره خارج عن عداد المسلمين، والآيات الكريمة في ذلك ناصة لا يعقل تأويلها، والأخبار فيه متواترة لا يمكن ردها ولا الطعن فيها، وقد نفاه أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسكا بامتناع إعادة المعدوم، ولم يقيموا دليلا عليه، وينقل عن جالينوس أنه كان من المتوقفين في أمر المعاد (1). وأن الرئيس أبا علي ينكر الجسماني (2). وتقدم في " حشر " ما يتعلق به.
في أن ما قالته الفلاسفة في المعاد هو قول النصارى في المسيح، كما في البحار (3).
قال تعالى: * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) *.
في تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) لما الجئ النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الخروج من مكة نحو المدينة التفت إليها وقال: الله يعلم أنني أحبك، ولولا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بدلا، ولا ابتغيت عليك بدلا، وأني لمغتم على مفارقتك. فأوحى الله إليه: يا محمد! العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول: سنردك إلى هذا البلد ظافرا غانما سالما قادرا قاهرا، وذلك قوله تعالى: * (إن الذي فرض عليك القرآن) * - الآية يعني أهل مكة غانما ظافرا (4).
وأما باطن الآية، فالمراد بالمعاد الرجعة.
روى القمي في تفسيره آخر سورة القصص مسندا عن أبي خالد الكابلي، عن مولانا الإمام السجاد صلوات الله عليه في قوله: * (إن الذي فرض عليك القرآن) * - الآية قال: يرجع إليكم نبيكم وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم.
وبسند صحيح روي عن حريز، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن جابر، فقال:
رحم الله جابرا بلغ من فقهه، أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: * (إن الذي فرض) * -