يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. آه، آه، إن هاهنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما، لو أصبت له حملة، بلى أصبت له لقنا غير مأمون، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق، أو منقادا لحملة العلم، لا بصيرة له في أحنائه، يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، فمنهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى الجمع والإدخار، ليسا من رعاة الدين (في شئ - نهج)، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة ظاهر، أو خافي مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك الأقلون عددا، الأعظمون خطرا؟ بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الأمور، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها، معلقة بالمحل الأعلى.
يا كميل أولئك خلفاء الله، والدعاة إلى دينه. هاي هاي شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولكم (1).
منية المريد: عن محمد بن سنان، رفعه قال: قال عيسى بن مريم: يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة فاقضوها لي. قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم، فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال، إن أحق الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثم قال عيسى: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية: * (ولا تصعر خدك للناس) * قال: ليكن الناس عندك في العلم سواء.