ولا يصح الرهن عنده بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع؛ لأن المبيع ليس بمضمون، فإنه لو هلك لم يضمن البائع شيئا، ولكن يسقط الثمن، وهو حق البائع، فلا يصح الرهن به، فلو هلك لهلك بغير شيء؛ لأنه لا اعتبار للباطل، فبقي قبضا بإذنه. ويصح على الأعيان المضمونة بنفسها، وهو أن يكون مضمونا بالمثل عند الهلاك إن كان مثليا، أو بالقيمة إن لم يكن مثليا، كالمغصوب والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد؛ لأن الضمان مقدر (1)، فإنه إن كان قائما، وجب تسليمه، وإن كان هالكا، تجب قيمته. ولو كان رهنا بما هو مضمون، فيصح (2).
قال: والرهن بالدرك باطل، وتصح الكفالة بالدرك.
والفرق: أن الرهن مشروع للاستيفاء، ولا استيفاء قبل الوجوب؛ لأن الواجب هو الذي يستوفى، وضمان الدرك هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع، فلا يجب قبل الاستحقاق، فلا يصح مضافا إلى حال وجود الدين؛ لأن الاستيفاء معاوضة، فلا يحتمل الإضافة؛ لأن إضافة التمليك (3) إلى زمان في المستقبل لا تجوز، والكفالة مشروعة لالتزام المطالبة، لا لالتزام أصل الدين، والتزام الأفعال يصح (4) مضافا إلى زمان الاستقبال، كالتزام الصدقات والصيامات بالنذر.
وتفسير الرهن بالدرك كأن يبيع رجل سلعة وقبض ثمنها وسلمها وخاف المشتري الاستحقاق فأخذ بالثمن من البائع رهنا قبل الدرك، فإنه