وقال بعض الشافعية: يكون المرتهن بعد الإبراء كمن [طيرت] (1) الريح ثوبا إلى داره حتى يعلم المرتهن به أو يرده؛ لأنه لم يرض بيده إلا على سبيل الوثيقة (2).
وبالجملة، فالرهن بعد القضاء أو الإبراء أو شبهه أمانة في يد المرتهن، عند علمائنا، وبه قال الشافعي وأحمد (3).
وقال أبو حنيفة: إذا قضاه، كان مضمونا. وإذا أبرأه أو وهبه، لم يكن مضمونا استحسانا (4).
وهو تناقض؛ فإن القبض المضمون منه لم يزل ولم يبرأ منه.
وعندنا أنه كان أمانة، وبقي على ما كان عليه، وليس عليه رده؛ لأنه أمسكه بإذن مالكه، ولا يختص بنفعه، فهو كالوديعة، بخلاف العارية المضمونة، فإنه يختص بنفعها، وبخلاف ما لو أطارت الريح إلى داره ثوبا، لزمه رده إلى مالكه؛ لأن مالكه لم يأذن في إمساكه.
ولو سأل مالكه في هذه الحال دفعه إليه، لزم من هو في يده من المرتهن أو العدل دفعه مع الإمكان، فإن لم يفعل، صار ضامنا، كالمودع إذا امتنع من رد الوديعة عند طلبها.
ولو كان امتناعه لعذر - مثل أن يكون بينه وبينه طريق مخوف أو باب مغلق لا يمكنه فتحه، أو خاف فوت صلاة واجبة، أو كان به مرض أو