ولقوله تعالى: ﴿فرهن مقبوضة﴾ (١) جعله بدلا عن الكتابة، فيكون في محلها، ومحلها بعد وجوب الحق؛ لقوله تعالى: ﴿إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه﴾ (2) فجعله جزاء للمداينة مذكورا بعدها بفاء التعقيب.
أما لو قارنه وامتزج الرهن بسبب ثبوت الدين - مثل أن يقول: بعتك هذا العبد بألف وارتهنت هذا الثوب به، فقال المشتري: اشتريت ورهنت، أو قال: أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها دارك - فالأقرب: الجواز - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي (3) - لأن الحاجة تدعو إليه، فإنه لو لم ينعقد مع ثبوت الحق وشرطه فيه، لم يتمكن من إلزام المشتري عقده، وكان الخيار إلى المشتري، والظاهر أنه لا يبذله، فتفوت الوثيقة بالحق.
ولأن شرط الرهن في البيع والقرض جائز لحاجة الوثيقة، فكذا مزجه بهما، بل هو أولى؛ لأن الوثيقة ها هنا آكد، فإن الشرط قد لا يفي به.
وللشافعية وجه آخر: أنه فاسد؛ لأن أحد شقي الرهن متقدم على ثبوت الدين، ولو قال لعبده: كاتبتك على ألف وبعت منك هذا الثوب بكذا، فقال: قبلت الكتابة والبيع، لا يصح البيع (4).
وفرقوا بوجهين: