وانخت عيسى في جنابك طارحا * بفناء دارك أنسعى وقتودي بيني وبينك حرمتان تلاقتا * نثري الذي بك يقتدي وقصيدي ووصايل الأدب التي تصل الفتى * لا باتصال قبائل وجدودي قد كنت أعقل عن سواك عقائلي * وأصون در قلائدي وعقودي وأحوك أفواف القريض فلا أرى * إني أدنس باللئام برودي ولقد ذممت الناس قبلك كلهم * فالآن طرق لي إلى المحمود أن أهد أشعاري إليك فإنه * كالسرد اعرضه على داود وسمحت بالموجود عند بلاغتي * إني كذاك أجود بالموجود قال الثعالبي: حدثني أبو عبد الله بن حامد الحامدي قال عهدي بأبي محمد الخازن ماثلا بين يدي الصاحب ينشده قصيدة له فيها أولها:
هذا فؤادك نهبي بين أهواء * وذاك رأيك شورى بين آراء هواك بين العيون النجل مقتسم * داء لعمرك ما أبلاه من داء لا تستقر بأرض أو تسير إلى * أخرى بشخص قريب عزمه نائي يوما بحزوى ويوما بالعقيق * وبالعذيب يوما ويوما بالخليصاء وتارة تنتحي نجدا وآونة * شعب العقيق وطورا قصر تيماء قال فرأيت الصاحب مقبلا عليه بمجامعه حسن الإصغاء إلى انشاده مستعيدا أكثر أبياته مظهرا من الاعجاب به والاهتزاز له ما يعجب الحاضرين فلما بلغ قوله:
ادعى بأسماء نبزا في قبائلها * كان أسماء أضحت بعض أسمائي أطلعت شعري وألقت شعرها طربا * فألفا بين أصباح وأمساء زحف عن دسته طربا فلما بلغ قوله في المدح:
لو أن سحبان باراه لا سحبه * على خطابته أذيال فأفاء أرى الأقاليم قد ألقت مقالدها * اليه مستبقات أي القاء فساس سبعتها منه بأربعة * أمر ونهي وتثبيت وامضاء كذاك توحيده ألوى بأربعة * كفر وجبر وتشبيه وارجاء جعل يحرك رأس مستحسن فلما أنشد:
نعم تجنب لا يوم العطاء كما * تجنب ابن عطاء لفظة الراء استعاده وصفق بيديه ولما ختمها بهذه الأبيات:
اطري واطرب بالاشعار أنشدها * أحسن ببهجة اطرابي واطرائي ومن منائح مولانا مدائحه * لأن من زنده قدحي وايرائي فخذ إليك ابن عباد محبرة * لا البحتري يدانيها ولا الطائي قال أحسنت أحسنت ولله أنت وتناول النسخة وتشاغل بإعارتها نظره ثم أمر بخلعة وحملان وصلة.
قال الثعالبي وسمعت أبا القاسم الكرخي يقول دخل أبو سعيد الرستمي يوما دار الصاحب فنظر إلى الخلع والأقبية السلطانية المحمولة برسم الصاحب والناس يقيمون رسم النثار لها فارتجل قصيدة أولها:
ميلوا إلى هذه النعمى نحييها ودار ليلى فخلوها لأهليها ولم يذكر منها الثعالبي غير هذا البيت ولم نجدها في ترجمة الرستمي من اليتيمة.
جري الشعراء بحضرة الصاحب في ميدان اقتراحه قد عرفت أنه لم يجتمع بباب أحد الملوك والوزراء ما اجتمع بباب الصاحب وكانوا يتجارون بحضرته في أمور يقترحها عليهم مما دل على ترويجه سوق الأدب وقد نقل الثعالبي في يتيمة الدهر شيئا كثيرا من ذلك كالديارات والبرذونيات والفيليات وغيرها.
القصائد البرذونيات لما نفق برذون أبي عيسى ابن المنجم بأصبهان وكان أصدأ وهو الأشقر الذي يعلوه سود قد حمله الصاحب عليه وطالت صحبته له أوعز الصاحب إلى الندماء المقيمين في جملته أن يعزوا أبا عيسى ويرثوا أصدأه فقال كل منهم قصيدة فريدة فمن قصيدة أبي القاسم الزعفراني:
كل مدى الدهر في حمى النعماء * مستهينا بحادث الأرزاء بك يا أحمد بن موسى التسلي * والتعزي عن سائر الأشياء ومعزيك لا يزيدك خبرا * بالذي قد عرفته بالعزاء قد سخا طرفك المفارق * بالنفس وطرفي من بعده بالماء يا له جمرة ونجما وشؤبوبا * وبرقا وطائرا في الرواء راكب الليل خائض السيل عين * الخيل عانته أعين الأعداء فقد الوحش منه أول قطاع * إليها المدى أمام الضراء واستراحت من نقعة مقلة الشمس * ومن لطمة خدود الفضاء ما بدا والصباح قد لاح الا * جاءنا من قتامه بالمساء وترى الطود حين يمثل مجموعا * على ضمر القنا في الهواء كم ركبت البراق منه أبا عيسى * وإن لم تكن من الأنبياء فرس لو علاه ذو الزهد عمرو * بن عبيد لتاه في الخيلاء عدة الفارس الذي خانه الصبر * فرامى بصدره في اللقاء قد تمليته وإن كنت ما * شاهدت في ظهره وغى الهيجاء فترى ما يراه غيرك في الحر * ب وتقلى طريقة الندماء كل بؤسي أتتك من قبل الله * فسلم فيها لجاري القضاء سوف تعتاض من خصيك فحلا * لم يشنه بيطاره بالخصاء من لهى سيد سخي سري * يشتري بالغلاء كل العلاء أي رزء وأي وزر على من * يتقوى بانهض الوزراء أيها الصاحب الجليل أتم الله * نعماك عندنا بالنماء كم كرعنا من كف عرفك في كفك * أصفى ماء بأوفى اناء سنة سنها فتى لا يريد * الوصل بين البيضاء والصفراء جمع الله شمل معتصم منك * بحبلي مودة وولاء ومن قصيدة أبي الحسن بن عبد العزيز الجرجاني:
جمل الله ما دهاك وعزا * فعزاء ان الكريم معزى والحصيف الكريم من أن أصابت * نكبة بعض ما يعز تعزى هي ما قد علمت أحداث دهر * لم تدع عدة تصان وكنزا قصدت دولة الخلافة جهرا * فأبادت عمادها والمعزا وقديما أفنت جديسا وطسما * حفزتهم إلى المقابر حفزا اصغ والحظ ديارهم وهل ترى من * أحد منهم وتسمع ركزا ذهب الطرف فاحتسب وتصبر * للرزايا فالحر من يتعزى فعلى مثله استطير فؤاد * الحازم الندب حسرة واستفزا لم يكن يسمح القياد على الهون * ولا كان نافرا مشمئزا