تهنئة ببنت من اليتيمة: أهلا وسهلا بعقيلة النساء وأم الأبناء وجالبة الأصهار والأولاد الأطهار والمبشرة باخوة يتناسقون نجباء يتلاحقون:
فلو كان النساء كمثل هذي * لفضلت النساء على الرجال وما التأنيث لاسم الشمس عيب * ولا التذكير فخر للهلال فادرع يا سيدي اغتباطا واستأنف نشاطا فالدنيا مؤنثة والرجال يخدمونها والذكور يعبدونها والأرض مؤنثة ومنها خلقت البرية وفيها كثرت الذرية والسماء مؤنثة وقد زينت بالكواكب وحليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة وبها قوام الأبدان وملاك الحيوان والحياة مؤنثة ولولاها لم تتصرف الأجسام ولا عرف الأنام، والجنة مؤنثة وبها وعد المتقون ولها بعث المرسلون فهنيئا هنيئا ما أوليت وأوزعك الله شكر ما أعطيت وأطال بقاك ما عرف النسل والولد وما بقي الأمد وكما عمر لبد.
رقعة في ذكر مصحف أهدي إليه البر أدام الله الشيخ أنواع فان يكن فيها ما هو أكرم منصبا وأشرف منسبا فتحفة الشيخ إذ أهدى ما لا تشاكله النعم ولا تعادله القيم كتاب الله وبيانه وكلامه وفرقانه ووحيه وتنزيله ومعجم رسول الله ص ودليله طبع دون معارضة على الشفاه وختم على الخواطر والأفواه فقصر عنه الثقلان وبقي ما بقي الملوان لائح سراجه واضح منهاجه منير دليله عميق تأويله يقصم كل شيطان مريد ويذل كل جبار عنيد. وحقا أقول إني لا أحسب أحدا ما خلا الملوك جمع من المصاحف ما جمعت وإن هذا المصحف لزائد على جميعها:
لقد أهديته علقا نفيسا * وما يهدي النفيس سوى النفيس من كتاب له إلى ابن العميد جوابا عن كتابه اليه في وصف البحر في اليتيمة: كان أبو بكر الخوارزمي يحفظه وكثيرا ما كان يقرأه ويعجب السامعون من فصاحته ولم أره يحفظ من الرسائل غيره: وصل كتاب الأستاذ الرئيس صادرا عن شط البحر بوصف ما شاهد من عجائبه وعاين من مراكبه، ورآه من طاعة آلاته للرياح كيف ارادتها، واستجابة أدواتها لها متى نادتها، وركوب الناس أشباحها، والخوف بمرأى ومسمع والمنون بمرقب ومطلع، والدهر بين أخذ وترك والأرواح بين نجاة وهلك، إذا فكروا في المكاسب الخطيرة هان عليهم الخطر، وإذا لاحت لهم غرر المطلب الكثيرة حبب إليهم الغرر، وعرفت ما قاله من تمنيه كوني عند ذلك بحضرته وحصولي على مساعدته، ومن رأى بحر الأستاذ كيف يزخر بالفضل وتتلاطم فيه أمواج الأدب والعلم لم يعتب على الدهر فيما يفيته من منظر البحر، ولا فضيلة له عندي أعظم من إكبار الأستاذ لأحواله واستعظامه لأهواله، كما لا شئ أبلغ في مفاخره وأنفس في جواهره، من وصف الأستاذ له فاني قرأت منه الماء السلسال لا الزلال والسحر الحرام لا الحلال، وقد علم أنه كتب ولما يخطر بفكره سعة صدره، فلو فعل ذلك لرأى البحر وشلا لا يفضل عن التبرض وثمدا لا يكثر عن الترشف:
وكم من جبال جبت تشهد أنك * الجبال وبحر شاهد أنك البحر تعزية بموت أب وتهنئة بزواج أم وقد مر له أن انتقد من زوج أمه وذمه واستهان به وهنا يهنئه وما ذلك الا لاختلاف مقتضيات الأحوال:
الأيام أطال الله بقاءك تجري على أنحاء مختلفة وشعب متفرقة وأحكامها تتفاوت بيننا بما يسوء ويسر وينفع ويضر، وبلغني من نفوذ قضاء الله في شيخك رحمه الله ما أزعجني وأبهم طرق السلوة دوني، وإن كان من خلفك غير خارج عن مزية الأحياء، ولا حاصل في زمرة الأموات، والله ياسو كلمك ويسد ثلمك، وقد فعل ذلك بان أتاح الله لك بعد أبيك أبا لا يقصر عنه شفقة عليك وحنوا وإيثارا لك وبرا، وقد لعمري وفقت حين وصلت بحبلك حبله، وأسكنت الكبيرة حرسها الله تعالى ظله، لئلا تفقد من الماضي عفا الله عنه إلا شخصه فالحمد لله الذي أرشدك لما يعيد الشمل مجتمعا بعد فراقه والعدد موفرا بعد انتقاصه.
في وصف كتاب وصل كتاب القاضي فأعظمت قدر النعمة وفضضته عن السحر حلالا والماء زلالا وسرحت الطرف منه في رياض رقت حواشيها وحلل تأنق واشيها فلم أتجاوز فصلا إلا إلى أخطر منه فضلا ولم أتخط سطرا إلا إلى أحسن منه نظما ونثرا.
وكتب إلى حسام الدولة أبي العباس تاش الحاجب في القاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني:
قد تقدم وصفي للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز أدام الله تعالى عزه فيما سبق إلى حضرة الأمير الجليل صاحب الجيش أدام الله تعالى علوه من كتبي ما أعلم أني لم أؤد فيه بعض الحق وإن كنت دللته على جملة تنطق بلسان الفضل وتكشف عن أنه من أفراد الدهر في كل قسم من أقسام الأدب والعلم فاما موقعه مني فموقع تخطبه هذه المحاسن وتوجبه هذه المناقب وعادته معي أن لا يفارقني مقيما وظاعنا ومسافرا وقاطنا وأحتاج الآن إلى مطالعة جرجان بعد أن شرطت عليه تصبير المقام كالالمام فطالبني مكاتبتي بتعريف الأمير مصدره ومورده فان عن له ما يحتاج إلى عرضه وجد من شرف اسعافه ما هو المعتاد ليستعجل انكفاؤه إلي بما يرسم أدام الله أيامه من مظاهرته على ما يقدم الرحيل ويفسح السبيل من بدرقة إن احتاج إليها وإلى الاستظهار بها ومخاطبة لبعض من في الطريق بتصرف النحج فيها فان رأى الأمير أن يجعل من حظوظي الجسيمة عند تعهد القاضي أبي المحسن بما يعجل رده فاني ما غاب كالمضل الناشد وإذا عاد كالغانم الواجد فعل إن شاء الله تعالى.
رسالته في الطب في اليتيمة: سمعت أبا جعفر الطبري الطبيب المعروف بالبلاذري يقول إن للصاحب رسالة في الطب لو علمها ابن قرة وابن زكريا لما زاد عليها فسألته أن يعيرنيها إن كانت عنده فذكر أنها في جملة ما غاب عنه من كتبه فاستغربت واستبعدت ما حكاه من تطبب الصاحب ونسبته في نفسي إلى التزيد والتكثر إلى أن ظفرت في نسخة الرسائل المؤلفة المبوبة للصاحب برسالة قدرتها تلك التي ذكرها أبو جعفر ووجدتها تجمع إلى ملاحة البلاغة ورشاقة العبارة حسن التصرف في لطائف الطب وخصائصه وتدل على التبحر في علمه وقوة المعرفة بدقائقه وهذه نسختها وأكثر ظني أنه قد كتبها إلى أبو العباس الضبي.
قد عرفت ما شرحه مولاي من أمره وأنبأ عنه من أحوال جسمه