ولكن له طبع إلى الخير سابق * ورأي بأبناء الرجال بصير وإن لم يلاحظهم بعين حمية * فتلك أمور لا تزال تمور ومن أخرى:
يا أيها الملك الذي كل الورى * قسمان بين رجائه وحذاره فمناصح قد فاز سهم طلابه * ومداهن قد جال قدح بواره هذي بخارى تشتكي ألم الصدى * وتقول قولا نبت في اخباره ما ذا عليه لو يهم بعرصتي * فأكون بعض بلاده ودياره وكتب إلى مؤيد الدولة بويه أبي منصور:
سعادة ما نالها قط أحد * يحوزها المولى الهمام المعتمد مؤيد الدولة وابن ركنها * وابن أخي معزها أخو العضد وقال في بني المنجم:
لبني المنجم فطنة لهبية * ومحاسن عربية عجمية ما زلت امدحهم وأنشر فضلهم * حتى اتهمت بشدة العصبية وقال كما في محاسن أصفهان:
فلما تشكت أصفهان حنينها * إليك وأنت أنة المتألم نهضت لها من كبر همك نهضة * وقلت اطمئني ان عندك موسمي لجرت على سمك المجرة ذيلها * وتاهت على أرض الحطيم وزمزم الإخوانيات عن تذكرة ابن عراق أن الصاحب كان قد مرض فلما برئ مرض السيد أبو هاشم العلوي الطبري المعروف بالنسب والحسب الفاخرين وكانت بينهما صداقة تامة فأرسل اليه الصاحب هذه الأبيات:
أبا هاشم ما لي أراك عليلا * ترفق بنفس المكرمات قليلا لترفع عن قلب النبي حزازة * وتدفع عن صدر الوصي غليلا فلو كان من بعد النبيين معجز * لكنت على صدق النبي دليلا فكتب أبو هاشم إليه:
دعوت اله الناس شهرا محرما * ليصرف سقم الصاحب المتفضل إلى بدني أو مهجتي فاستجاب لي * فها أنا مولانا من السقم ممتلي فشكرا لربي حين حول سقمه * إلي وعافاه ببرء معجل واسال ربي أن يديم علاءه * فليس سواه مفزع لبني علي فلما وصلت هذه الأبيات إلى الصاحب أرسل ثانيا بهذه الأبيات:
أبا هاشم لم أرض هاتيك دعوة * وإن صدرت عن مخلص متطول فلا عيش لي حتى تدوم مسلما * وصرف الليالي عن فناك بمعزل فان نزلت يوما بجسمك علة * وحاشاك منها يا علاء بني علي فناد بها في الحال غير مؤخر * إلى جسم إسماعيل دوني تحولي وقال في مرض علوي:
يا سيدا أفديه عند شكاته * بالنفس والولد الأعز وبالأب لم لا أبيت على الفراش مسهدا * وقد اشتكى عضو من أعضاء النبي المراسلة بينه وبين أبي إسحاق الصابئ ومدائح أبي إسحاق فيه في معجم الأدباء: قرأت في كتاب هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ قال كان الصاحب يحمل إلى أبي إسحاق إبراهيم بن هلال خمسمائة دينار والي ألف درهم جبلية مع جعفر بن شعيب فادكر وقد راسله بعد وفاة عضد الدولة بالاستدعاء إلى حضرته بالري وبذل له النفقة الواسعة عند شخوصه والإرغاب والاكثار عند حضوره فكانت عقله بالذيل الطويل والظهر الثقيل تمنعه من ترك موضعه ومفارقة موطنه فمما كتبه اليه بالاعتذار عن التأخر:
نكصت على أعقابهن مطالبي * وتقاعست عن شاوهن ماربي وتبلدت مني القريحة بعد ما * كانت نفادا كالشهاب الثاقب وبكيت شرخ شبيبتي فدفنتها * دفن الأعزة في العذار الشائب فلو أن لي ذاك الجناح لطار بي * حتى أقبل ظهر كف الصاحب وأعيش في سقيا سحائبه التي * ضمنت سعادة كل جد خائب وأراجع العادات حول قبابه * حتى السواد من الشباب الذاهب وأعد من جلساء حضرته التي * شحنت بكل مسائل ومجاوب فيقول من ذا سائل عني له * مستثبت فيقول هذا كاتبي أترى أروم بهمتي ما فوق ذا * أنى وخدمته أجل مراتبي ومنها يعتذر:
كثرت عوائقي التي تعتاقني * عن غيث راحته الملث الساكب ولد لهم ولد وبطن ثالث * هو رابعي وعشيرتي وأقاربي والسن تسع بعدها خمسون قد * شامت بوارق يومها المتقارب فالجسم يضعف عن تجشم راجل * والحال يقصر عن ترفه راكب وعلي للسلطان طاعة مالك * كانت على المملوك ضربة لازب وتعطلي مع شهرتي كتصرفي * كل سواء في حساب الحاسب وهي طويلة فلما كانت سنة 384 التي توفي فيها جدي أحس بانقضاء مدته فكتب إلى الصاحب كتابا يسأله فيه اقرار هذا الرسم على ولده من بعده وقرن الكتاب بقصيدة أولها:
تحذر منك النائبات فتحذر * وتذكر للخطب الجسيم فيصغر وتكسى بك أدنيا ثياب جمالها * فيرجوك معروف ويخشاك منكر أسيدنا أن المنية أعذرت * إلى بآيات تروع وتذعر لها نذر قد آذنتني بهجمة * على مورد ما عنه للمرء مصدر وإني لأستحلي مرارة طعمه * إذا كنت بالتقديم لي تتأخر وحق لنفس كان منك معاشها * إذا غمضت عينا وعينك تنظر ومن ورث الأولاد بعد وفاته * حضانك طابت نفسه حين يقبر تمرد منك الجود حتى تمردت * مطالبنا والماجد الحر يصبر أأطلب منك الرفد عمري كله * وأطلبه والجنب مني معفر وليست بأولى بدعة لك في الندى * لها موقف في الناس بالحمد ينشر وهي طويلة. قال هلال بن المحسن وأمرني بان أنفذ ذلك فأنفذته وكتبت عن نفسي كتابا في معناه ووصل ونفذ من يحمل الرسم على العادة ثم اتفق أن توفي الصاحب أول سنة 385 فوقف وكانت بين وفاتيهما شهور انتهى.