الجرأة وذلك الانبساط أن حدث منها في أيام الخلافة العلوية ما حدث.
الاستيعاب في باب عائشة بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنسائه: أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، يقتل حولها قتلى كثير، وتنجو بعدما كادت.
قال ابن عبد البر: هذا من أعلام نبوته. ولم تحمل عائشة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا ولد له من مهيرة إلا من خديجة، ومن السراري من مارية.
وقذفت عائشة في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصفوان بن المعطل السلمي، والقصة مشهورة، فأنزل الله براءتها في قرآن يتلى وينقل، وجلد قاذفوها الحد. وتوفيت في سنة سبع وخمسين للهجرة، وعمرها أربع وستون سنة، ودفنت بالبقيع في ملك معاوية.
أقول: ثم ذكر ابن أبي الحديد عن شيخه أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعاني أسبابا للعداوة بين عائشة وبين أمير المؤمنين وفاطمة صلوات الله عليهما وبسط الكلام في ذلك - إلى أن قال -:
وأكرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة إكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه، وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم، فقال بمحضر الخاص والعام مرارا لامرة واحدة في مقامات مختلفة لا في مقام واحد: إنها سيدة نساء العالمين، وإنها عديلة مريم بنت عمران، وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد.
وهذه من الأحاديث الصحيحة وليس من الأخبار المستنقحة. وإن إنكاحه عليا إياها لم يكن إلا بعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة، وكم قال مرة: " يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها، وإنها بضعة مني، يريبني ما رابها " فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة، والنفوس البشرية تغيظ على ما هو دون هذا.
ثم كان بينها وبين علي (عليه السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يقتضي تهييج ما في النفوس، نحو قولها له وقد استدناه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء حتى قعد بينه وبينها وهما