لما حبس المتوكل أبا الحسن الهادي (عليه السلام) ودفعه إلى علي بن كركر قال: أنا أكرم على الله من ناقة صالح، تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب، فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه، فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز وتامش ومعطون فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة، وفي رواية أن المتوكل أمر الفتح بسبه، فذكر الفتح له ذلك، فقال: * (قل تمتعوا) * - الآية. وأنهى ذلك إلى المتوكل، فقال: اقتله بعد ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل والفتح (1).
قال المسعودي في مروج الذهب: سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد (عليه السلام) أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم، وأنه عازم على الوثوب بالدولة. فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهجموا داره ليلا، فلم يجدوا فيها شيئا، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصا، وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن.
فحمل على حاله تلك إلى المتوكل، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئا، ووجدناه يقرأ القرآن وهو يستقبل القبلة، وكان المتوكل في مجلس الشراب فدخل عليه والكأس في يد المتوكل، فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس، فقال: والله ما يخامر لحمي ودمي قط فاعفني. فأعفاه، فقال: أنشدني شعرا، فقال:
إني قليل الرواية للشعر. فقال: لابد، فأنشده وهو جالس:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فلم تنفعهم القلل - الخ فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينيه، وبكى الحاضرون، ودفع إلى علي (عليه السلام) أربعة آلاف دينار، ثم رده إلى منزله مكرما.
وعن كنز الكراجكي قال: فضرب المتوكل بالكأس الأرض وتنغص عيشه في ذلك اليوم (2).