كتاب تيمور إلى بلاده بالفتح وكتب تيمور إلى جميع البلدان في مملكته بهذا الفتح كتابا يقول فيه بحمد سيوف داميات الوغى * فتحنا بحمد الله حصن كماخ وذكر في كتبه خطابه لابن عثمان وجواب ابن عثمان له بالسب والسفه ويقول اننا ما جفوناه ولا تعدينا عليه وتلطفنا به ورققنا له القول وقلنا له أن يخرج من مملكته أحمد الجلائري وقرا يوسف التركماني لأنها مادة الفساد وقد أخربا البلاد وأهلكا العباد والرضا بالمعصية معصية وقد صارا وزيريه وعشيريه فلبئس المولى ولبئس العشير ولا ينفع الجرباء قرب صحيحة * إليها ولكن الصحيحة تجرب فنهيناه فما انتهى وأريناه العبر في غيره فما اعتبر، ولكنا وضعنا اسمه مع اسمنا على عادة حشمتنا وأدبنا في المراسلات فتعدى طوره وأبدى جوره وكان في بعض كتبه اسمه محت اسم طهرتن، وهذا هو الواجب عليه، ولا شك أن طهرتن بالنسبة الينا كبعض خدمنا. ثم إن بايزيد لما قرأ كتابنا واجبنا عنه وضع اسمه فوق اسمنا بالذهب لما فيه من الحماقة وقلة الأدب.
توجه بايزيد لقتال تيمور فلما بلغ بايزيد قصد تيمور بلاده وكان على مدينة استانبول محاصرا لها وقد قارب ان يفتحها جمع جنوده من جميع بلاده واستعد لقتال تيمور.
ويقول هارولد لامب إن عدد عسكر بايزيد كان 150 ألفا.
سعي تيمور لفصل التتار عن بايزيد وأرسل تيمور لرؤساء التتار ورئيسهم يدعى الفضل ان نسبنا واحد وبلادنا واحدة وان آباءكم من قديم الزمان كانوا ملوك توران فانتقل طائفة منهم إلى هذه البلاد فاستوطنوها وهم على ما هم عليه من الكرامة وشعار السلطنة وكان ارتنا آخر ملوككم وأكبر مالك في بلاد الروم أصغر مماليككم ولستم بحمد الله قليلي العدة والعدد فكيف رضيتم لأنفسكم ان تكونوا تابعين غير متبوعين وإن تكونوا كالارقاء لرجل هو من أولاد عتقاء علي السلجوقي وأنا أولى بكم وبالنظر في مصالحكم فإن كان لا بد من استيطانكم بلاد الروم الضيقة بدلا عن بلادكم الفسيحة فلا أقل من أن تكونوا كأسلافكم حكامها فإذا انتهيت من أمر ابن عثمان فوضت أمورها إليكم فإذا أمكنكم أن تنحازوا الينا والا فلا تعينوا علينا فكونوا ظاهرا مع ابن عثمان وباطنا معنا فإذا التقينا انحازوا إلى عسكرنا. فوافقوه على ذلك.
خروج بايزيد لقتال تيمور على الحدود وأسر بايزيد قال وكانت الزروع في بلاد الروم قد استحصدت والفواكه قد أدركت فخاف بايزيد ان يلحق بلاده ضرر بهجوم عساكر تيمور فبادر إلى ملاقاته خارج حدود بلاده في ضواحي سيواس وأخذ بعساكره على قفار غامرة حذرا أن يضروا بالناس وذلك في رمضان فلما بلغ تيمور ذلك سار على الطريق العامرة حتى وصل أنقرة وعساكره في ماء وكلاء وراحة فلما بلغ ذلك بايزيد ندم حيث لا ينفعه الندم فكر راجعا وعساكره في جدب وتعب، فلما تقابل الجمعان مال التتار إلى عسكر تيمور كما وعدوه وكانوا نحوا من ثلثي عسكر بايزيد، وكان مع بايزيد ولده الأكبر سليمان، فلما رأى ما فعله التتار تيقن الغلبة على أبيه، فانخزل بالفرسان إلى جهة بروسا ويقال برصا وبها مقر الملك فلم يبق مع أبيه الا المشاة وبعض الفرسان، فثبت ولم يهرب لئلا يقع عليه الطلاق وكان معه نحو من خمسة آلاف، فاستمر القتال من الضحى إلى العصر فاسر بايزيد وتبدد عسكره ومات أكثرهم عطشا، وكانت الوقعة يوم الأربعاء 27 ذي الحجة سنة 804 الموافق 18 تموز على نحو ميل من مدينة أنقرة.
هذا ما ذكره ابن عربشاه، اما الكاتب الانكليزي هارولد لامب فقال كان بالقرب من مدينة سيواس طريق واحدة فعزم بايزيد ان يبقى في هذا الطريق لأنه اعتقد أن جنود تيمور ستمر به حتما ولا طريق لها غيره وتقدم بايزيد إلى ضواحي أنقرة فأخبرته عيونه أن تيمور في جهة سيواس فأقام ينتظره، ثم أخبره بعض أهل سيواس أنه ليس في سيواس سوى عدة قليلة من التتار، وأما جيش تيمور فلا يعلم مكانه، إنما يعلمون أنه ذهب لمحاربة الترك فاسقط في يد بايزيد وبث طلائعه في جميع الجهات للبحث عن جيش تيمور فاختفى عنهم ولم يوقف له على أثر، ثم هجمت بعض طلائع تيمور على الجناح الأيمن وأخذت بعض الأسرى فاسرع بايزيد إلى ذلك المكان وبث طلائعه، فاختفى خبر تيمور ثانية، فأرسل ولده سليمان مع فرقة من الجيش، فأخبر أن تيمور قد سار بجيشه مسرعا إلى المكان الذي كان تركه أولا فوصلوا بعد أسبوع وقد أنهكهم التعب، وكان النهر خلف جيوش تيمور ولا سبيل للترك إلى الماء الا بالهجوم على خصومهم، فكان هذا سبب غلبة تيمور لهم. وفي التاريخ الفارسي بعد ما ذكر أنه في سنة 803 سافر إلى الشام قال وفي العام الثاني سافر إلى بلاد الروم، وفي يوم الجمعة 18 ذي الحجة سنة 804 التقى مع ايلدرم بايزيد سلطان الروم في حدود انكورية أنقرة واقتتلوا قتالا عظيما، فانتصر على ايلدرم بايزيد وأخذه أسيرا واستولى عسكره على جميع بلاد الروم، وبقي الأمير نحو سنة في بلاد الروم، وفي تلك الأوقات توفي السلطان محمود خان وايلدرم بايزيد في معسكر الأمير تيمور.
ما جرى لأولاد بايزيد وله بعد الأسر في عجائب المقدور كان لبايزيد من الأولاد الذكور الأمير سليمان وهو أكبرهم وعيسى ومصطفى ومحمد وموسى وهو أصغرهم، أما سليمان فكان مع أبيه وانخزل بطائفة من العسكر إلى جهة بروسا كما مر فوصل إلى بروسا مقر سلطنة أبيه ونقل ما بها من الأموال والذخائر والحريم إلى برادرنة واجتمع عليه الناس والتجأ أخواه محمد وموسى إلى قلعة اماسية وهي خرشنة، والتجأ أخوهم عيسى إلى بعض الحصون وفقد أخوهم مصطفى، وأرسل تيمور طائفة من جنده إلى بروسا مع بعض قواده وسار خلفهم حتى وصلها واستولى على ما وصلت اليه يده من أصحاب بايزيد وحرمه وجواريه وأمواله، وخلع على أمراء التتار وأكرمهم وجعل يحضر بايزيد كل يوم بين يديه ويلاطفه ويباسطه.
قال المؤلف حكى لي من يوثق به عن التواريخ التركية أن تيمور أكرم بايزيد وكان يحضره معه ويجالسه ويلاطفه فعلم أن جماعة يريدون أن يفروا به فوضعه عند ذلك في قفص من ذهب. قال ابن عربشاه واحضره يوما في مجلس عام فإذا السقاة حرمه وجواريه وكان ذلك مقابلة لما فعله بايزيد مع حرم طهرتن في ارزنجان، وليس لهذا أثر في التواريخ التركية على