وكان له الوليد نديم صدق * فنادم قبره قبر الوليد أنيسا ألفة ذهبت فأمست * عظامهما تأنس بالصعيد وما أدري بمن تبدأ المنايا * بأحمد أو بأشجع أو يزيد أشعاره في كتاب الأوراق: أنشدنا المبرد يوما أبياتا ولم يسم شاعرها وقال لا أعرف في وصف أصحاب المعارف أحسن منها فكتبوها ولم أكتبها فقال لي لم لا تكتبها فقلت أنا أحفظ القصيدة فقال لمن هي قلت لأشجع السلمي قال فيمن قلت في إبراهيم وعثمان ابني نهيك وفي مسودة الكتاب في إبراهيم بن عثمان بن نهيك صاحب شرطة الرشيد وكان إبراهيم هذا جبارا عنيدا قال فأنشدنيها فأنشدته إياها فضحك وقال حسبك أنت مفروع منك أقول وهذا يدلنا على شدة عنايتهم بالأدب فإذا مر بهم ما يستحسن من شعره وغيره كتبوه جميعا وعلى فضل صاحب الأوراق أبي بكر الصولي وحفظه وأول القصيدة:
لمن المنازل مثل ظهر الأرقم * قدمت وعهد أنيسها لم يقدم فتكت بها سنتان يعتورانها * بالعاصفات وكل أسحم مرزم دمن إذا استثبت عينك عهدها * رجعت إليك بناظر المتوهم ولقد طعنت الليل في إعجازه * بالكاس بين غطارف كالأنجم يتمايلون على النعيم كأنهم * قضب من الهندي لم تتثلم وسعى بها الظبي الغرير يزيدها * طيبا ويغشمها إذا لم تغشم والليل منتقب بفضل ردائه * قد كاد يحسر عن أغر ارثم فإذا أدارتها الأكف رأيتها * تثني الفصيح إلى لسان الأعجم وعلى بنان مديرها عقيانة * من لونها وعلى فضول المعصم تغلي إذا ما الشعريان تلظيا * صنفا وتسكن في طلوع المرزم ولقد فضضناها بخاتم ربها * بكرا وليس البكر مثل الأيم ولها سكون في الإناء وخلفها * شغب يطوح بالكمي المعلم تعطي على الظلم الفتى بقيادها * قسرا وتظلمه إذا لم يظلم لبني نهيك طاعة لو أنها * رجمت بركز متالع لم تكلم قوم إذا غمزوا قناة عدوهم * حطموا جوانبها ببأس محطم في سيف إبراهيم خوف واقع * لذوي النفاق وفيه أمن المسلم ويبيت يكلأ والعيون هواجع * مال المضيع ومهجة المستسلم ليل يواصله بضوء نهاره * يقظان ليس يذوق نوم النوم شد الخطام بأنف كل مخالف * حتى استقام له الذي لم يخطم لا يصلح السلطان إلا شدة * تغشى البرئ بفضل ذنب المجرم ومن الولاة مقحم لا يتقى * والسيف تقطر شفرتاه من الدم منعت مهابتك النفوس حديثها * بالشئ تكرهه وإن لم تعلم ونهجت في سبل السياسة منهجا * فهمت مذهبه الذي لم يفهم وقد أورد صاحب الأوراق شيئا كثيرا من مختار شعر أشجع ورتب قسما منه على الحروف وقسما لم يرتبه. قال يمدح جعفر بن يحيى:
أقفر بعد الرياب ملحوب * خود عليها الجمال مصبوب غلبت والحب من يغالبه * فهو بحكم الحبيب مغلوب أما لمستوهب وصالكم * حق وإن قل منك موهوب رحلت وهما يحثه أمل * فهو كبرق تلاه شؤبوب إلى نجيب في بيت مملكة * يكنفه سادة مناجيب أحيا ابن يحيى النوال مغتربا * فكل مجد اليه مجلوب وكل بذل زكت مناسبه * فهو إلى البرمكي منسوب ترب معروفه عوائده * والعرف عند الكرام مربوب لابس تاجين تاج مكرمة * وتاج ملك عليه معصوب تحب من جعفر طلاقته * وبذل سمح الأخلاق محبوب وقال يمدح جعفر بن يحيى أيضا:
قف باطلال لسلمى * دارسات موحشات وبها وحش ظباء * كالظباء الآنسات كن أسباب المنايا * ومحل الشهوات بين وصل وصدود * كحياة وممات وفلاة ذات أكل * للحوم اليعملات جزتها والليل داج * ضارب بالجنبات أبتغي من آل يحيى * ملكا جم الهبات خلق الله ابن يحيى * للحجا والمكرمات وصل الله يديه * بالمنايا والصلات فهو يعطيك ابتداء * قبل نوب النائبات قصر الله بايجاز * له عمر العداة بأبي الفضل بن يحيى * ذي الأيادي السابغات عز ذو الدين وذلت * عنق من كل عاتي ففداء لأبي الفضل * على رغم العداة كل عاص لنوال * ومطيع العاذلات قد وصفناك ولكن * قف بالفضل صفاتي وقال:
ليس للحاجات الا * من له وجه وقاح ولسان طرمذان * و غدو ورواح إن تكن أبطأت * الحاجات عني والسراح فعلي الجهد فيها * وعلى الله النجاح وقال في آل برمك كما في مروج الذهب:
ولي عن الدنيا بنو برمك * فلو تولى الناس ما زادا كأنما أيامهم كلها * كانت لأهل الأرض أعيادا وقال فيهم أيضا:
قد سار دهر ببني برمك * ولم يدع فيهم لنا بقيا كانوا أولي وهم أهله * فارتفع الخير عن الدنيا وقال يرثي أخاه كما في الأوراق:
أأدهن رأسي أو تضاعف كسوتي * ورأسك معفور وأنت سليب فاقسم لا أصبو إلى عيش لذة * وقد ضم لحييه عليك قليب ولا زلت أبكي ما تغنت حمامة * عليك وما هبت صبا وجنوب و ما حملت عين من الماء قطرة * وما اخضر في دوح الأراك قضيب بكائي كثير والدموع قليلة * وأنت بعيد والمزار قريب فلا يفرح الباقي خلاف الذي مضى * فكل فتى للموت فيه نصيب