للماء من فوقها انتباه * وللثرى تحتها سبات في جانبيه وجانبيها * أعنة الماء مطلقات وقال يرثي الرشيد:
غربت بالمشرق الشمس * فقل للعين تدمع ما رأينا قط شمسا * غربت من حيث تطلع مدحه الأمين صغيرا في الأغاني عن أشجع: دخلت على محمد الأمين حين أجلس مجلس الأدب للتعليم هو ابن أربع سنين وكان يجلس فيه ساعة ثم يقوم فأنشدته وذكر منها بيتين وفي الأوراق قال يمدح محمد الأمين بقصيدة أولها:
حمد السرى وتصرم الادلاج * ولكل ضيق شديدة إفراج ملك أبوه وأمه من نبعة * منها سراج الأمة الوهاج شربت بمكة في ربا بطحائها * ماء النبوة ليس فيه مزاج ملك على أمواله لنواله * سطو يكون لها به ازعاج خير البرية من به * وضح الهدى للناس والمنهاج فأمرت له زبيدة بمائة ألف درهم قال أبو الفرج ولم يملك الخلافة أحد أبوه وأمه من بني هاشم الا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص ومحمد بن زبيدة انتهى.
مدحه المأمون في الأغاني: قال الرشيد للعباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس: يا عم أن الشعراء قد أكثروا في مدح محمد بسببي وبسبب أم جعفر ولم يقل أحد منهم في المأمون شيئا وأنا أحب أن أقع على شاعر فطن ذكي يقول فيه فامر العباس أشجع أن يقول فيه وكان أشجع منقطعا إلى العباس فقال:
بيعة المأمون آخذة * بعنان الحق في أفقه أحكمت مراتها عقدا * تمنع المحتال في نفقه لن يفك المرء ربقتها * أو يفك الدين من عنقه وله من وجه والده * صورة تمت ومن خلقه فاتى بها العباس الرشيد وادعى أنها له فاستحسنها الرشيد وقال قد سررتني مرتين بإصابتك ما في نفسي وبأنها لك وأمر له بثلاثين ألف دينار فأعطى أشجع منها خمسة آلاف درهم وأخذ الباقي.
اتصاله بالبرامكة واخباره معهم ونأخذ ذلك من الأغاني وكتاب الأوراق دون غيرهما. في الأغاني:
حدث أشجع السلمي أنه كان في مجلس بعض إخوانه يتحدث وينشد فدخل انس بن أبي شيخ النصري فقام القوم له غيره لأنه لم يعرفه فسال عنه فقيل له أشجع الشاعر فاستنشده فقال إنك لشاعر فما يمنعك من جعفر بن يحيى قال ومن لي به قال أنا فقل أبياتا ولا تطل قال وتقدمني إلى الباب وجاء فدخل فخرج الحاجب فقال أشجع فقمت فقال ادخل فدخلت واستنشدني فأنشدته:
وترى الملوك إذا رأيتهم * كل بعيد الصوت والجرس فإذا بدا لهم ابن يحيى جعفر * رجعوا الكلام بمنطق همس ذهبت مكارم جعفر وفعاله * في الناس مثل مذاهب الشمس فامر له بعشرة آلاف درهم قال ثم لقيت المبارك مؤدب الفضل بن يحيى فقال لي أنشد ما قلته في جعفر فأنشدته فقال ما يمنعك من الفضل فقلت ومن لي به فقال أنا فأدخلني عليه فأنشدته:
وما قدم الفضل بن يحيى مكانه * على غيره بل قدمته المكارم لقد أرهب الأعداء حتى كأنما * على كل ثغر بالمنية قائم فقال لي كم أعطاك جعفر فقلت عشرة آلاف درهم فقال أعطوه عشرين ألفا.
وفي الأغاني والأوراق: جلس جعفر بن يحيى في الصالحية على مستشرف له فجاء أعرابي من بني هلال بن عامر فشكى خلة واستماح بأحسن لفظ وأصح لسان فقال له جعفر أتقول الشعر يا هلالي؟ فقال قد كنت أقوله وأنا حدث أتملح به ثم تركته لما صرت شيخا قال فأنشدنا لشاعركم حميد بن ثور فأنشد:
لمن الديار بجانب الحمس * كمخط ذي الحاجات بالنفس حتى أتى على آخرها فاندفع أشجع فأنشده مديحا فيه قاله لوقته على وزنها وقافيتها:
ذهبت مكارم جعفر وفعاله * في الناس مثل مذاهب الشمس ملك تسوس له المعالي نفسه * والعقل خير سياسة النفس فإذا تراءاه الملوك تراجعوا * جهر الكلام بمنطق همس ساد البرامك جعفر وهم الأولى * بعد الخليفة سادة الأنس ماضر من قصد ابن يحيى راغبا * بالسعد حل به أم النحس فاستحسن جعفر ذلك منه، وقال صف موضعنا هذا، فقال:
قصور الصالحية كالعذارى * لبسن ثيابهن ليوم عرس إذا ما الطل أثر في ثراه * تنفس نوره من غير نفس فتغبقه السماء بصبغ ورس * وتصبحه باكؤس عين شمس فقال جعفر للأعرابي كيف ترى صاحبنا يا هلالي فقال أرى خاطره طوع لسانه وبيان الناس تحت بيانه وقد جعلت له ما تصلني به فقال بل نقرك يا اعرابي ونرضيه وأمر للأعرابي بمائة دينار ولأشجع بمائتين.
واشترى جعفر بن يحيى المرغاب من آل الرشيد بعشرين ألف ألف درهم ورده على أصحابه فقال أشجع يمدحه:
رد السباخ ندى يديه وأهلها * منها بمنزلة السماك الأعزل قد أيقنوا بذهابها وهلاكهم * والدهر يوعدهم بيوم أعضل فافتكها لهم وهم من دهرهم * بين الجران وبين حد الكلكل ما كان يرجى غيره لفكاكها * يرجى الكريم لكل خطب معضل ولما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام نزل في مضربه وأمر باطعام الناس فقام أشجع فأنشده:
فئتان طاغية وباغية * جلت أمورهما عن الخطب قد جاءكم بالخيل شارية * ينقلن نحوكم رحا الحرب لم يبق الا أن تدور بكم * قد قام هاديها على قطب