الامتاع، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء، وياقوت في معجم الأدباء، كما يأتي ذلك كله. وفي مخطوط قديم سيأتي ذكره: أحمد بن محمد مسكويه في عدة مواضع. وفي ترجمة دائرة المعارف الاسلامية: ابن مسكويه والأصح مشكويه أسماه ياقوت مسكويه فقط. وزعم أنه كان مجوسيا اعتنق الاسلام بيد ان هذا الزعم بعيد الاحتمال ذلك لأننا نعرف اسم أبيه وجده اي ويعلم من اسميهما انهما مسلمان فيكون احمد قد ولد على الاسلام أيضا قال وربما كان خطا ياقوت راجعا إلى أنه اسمى الفيلسوف مسكويه بينما هذا الاسم لجده وقد يكون الجد مجوسيا حقيقة ثم اسلم انتهى وما ذكره له وجه وربما الذين أسموه مسكويه تبعوا في ذلك ياقوتا فاصل الخطا منه واتبعه غيره عليه انتهى ووصف بالخازن لأنه كان خازنا لعضد الدولة على بيت المال وخازنا لخزانة كتب ابن العميد.
أقوال العلماء فيه هو العالم الحكيم الفيلسوف المشهور الرياضي المهندس المتكلم اللغوي المؤرخ الأخلاقي الشاعر الأديب الكاتب النافذ الفهم الكثير الاطلاع على كتب الأقدمين ولغاتهم المتروكة صاحب التصانيف الكثيرة في الفنون العقلية ولا سيما الحكمة النظرية والعملية. وفي دائرة المعارف الاسلامية مؤرخ انتهى. واثنى عليه الخواجة نصير الدين في ديباجة كتابه الاخلاق الناصرية الذي وضعه على نهج كتابه طهارة الأعراق وذكره بالتعظيم. وصحب الوزير أبا محمد المهلبي في أيام شبابه وكان خصيصا به إلى أن اتصل بخدمة الملك عضد الدولة بن بويه وصار من ندمائه ورسله إلى نظرائه، وكان خازنا له أثيرا عنده كاتما لأسراره، وفي رسالة مواليد العلماء: كان نديم عضد الدولة انتهى ثم اختص بالوزير ابن العميد وابنه أبي الفتح في خدمة الملك صمصام الدولة بن بويه، وكان في أول أمره في خدمة خوارزم شاه مع جملة من الأطباء منهم ابن سينا وابن الخمار وأبو ريحان وأبو نصر العراقي وأبو سهل المسيحي إلى أن ارسل السلطان محمود الغزنوني أبا الفضل الحسن بن ميكال سفيرا إلى عند خوارزم شاه، فقبل وصوله فر مسكويه ولم يقبل بمتابعة السلطان محمود. وفي تتمة اليتيمة للثعالبي: أبو علي مسكويه الخازن في الذروة العليا من الفضل والأدب والبلاغة والشعر وكان في ريعان شبابه متصلا بابن العميد مختصا به ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة، وعظم شانه وارتفع مقداره وترفع عن خدمة الصاحب ولم ير نفسه دونه انتهى وحكى ياقوت في معجم الأدباء عن أبي حيان في كتاب الامتاع أنه قال في حقه بعد ما ذكر طائفة من متكلمي زمانه: واما مسكويه ففقير بين أغنياء وغني بين أنبياء لأنه شاذ وانما أعطيته في هذه الأيام صفو الشرح لايساغوجي وقاطيغورياس من تصنيف صديقنا بالري قال الوزير ومن هو؟
قلت أبو القاسم الكاتب غلام أبي الحسن العامري وصححه معي وهو الآن لائذ بابن الخمار وربما شاهد أبا سليمان المنطقي وليس له فراع لكنه محب في هذا الوقت للحسرة التي لحقته مما فاته من قبل! فقال: يا عجبا لرجل صحب ابن العميد أبا الفضل ورأى ما عنده وهذا حظه! قلت قد كان هذا ولكنه كان مشغولا بطلب الكيمياء مع أبي الطيب الكيميائي الرازي مملوك الهمة في طلبه والحرص على إصابته مفتونا بكتب أبي زكريا وجابر بن حيان ومع هذا كان اليه خدمة صاحبه في خزانة كتبه هذا مع تقطيع الوقت في الحاجات الضرورية والشهوية والعمر قصير والساعات طائرة والحركات دائمة والفرص بروق تاتلق والأوطار في عرضها تجتمع وتفترق والنفوس عن قرابتها تذوب وتحترق ولقد قطن العامري الري خمس سنين ودرس وأملى وصنف وروى فما أخذ عنه مسكويه كلمة واحدة ولا وعى مسالة حتى كأنه كان بينه وبينه سدا ولقد تجرع على هذا التواني الصاب والعلقم ومضغ لقمة حنظل الندامة في نفسه وسمع باذنه قوارع الندامة من أصدقائه حين ما ينفع ذلك كله، وبعد هذا فهو ذكي حسن نقي اللفظ وان بقي عساه ان يتوسط هذا الحديث وما أرى ذلك كلفه بالكيمياء وانفاق زمانه وكد بدنه وقلبه في خدمة السلطان واحترافه في البخل بالدانق والقيراط والكسرة والخرقة نعوذ بالله من مدح الجود باللسان وايثار الشح بالفعل وتمجيد الكرم بالقول ومفارقته بالعمل انتهى ثم حكى ياقوت عن أبي حيان في كتاب الوزيرين أنه قال: فان ابن العميد اتخذه خازنا لكتبه وأراد أيضا ان يقدح ابنه به ولم يكن من الصنائع المقصودة المهمات اللازمة وكان يحتمل ذلك لبعض العزازة بظله والتظاهر بجاهه انتهى يعني ان ابن العميد اتخذه خازنا لكتبه وأراد مع ذلك ان يتخرج عليه ولده أبو الفتح ويتعلم منه ولم يكن ذلك اي كونه خازنا ومعلما لابنه عند مسكويه مناسبا لحاله، بل كان يرى نفسه ارفع من ذلك لكنه احتمله للاستفادة من جاه ابن العميد.
وقال ياقوت في معجم الأدباء كان مسكويه مجوسيا واسلم وكان عارفا بعلوم الأوائل معرفة جيدة وله في ذلك كتب وذكرها كما يأتي انتهى وقد عرفت التأمل في كونه مجوسيا فاسلم. وفي عيون الأنباء: مسكويه فاضل في العلوم الحكمية متميز فيها، خبير بصناعة الطب جيد في أصولها وفروعها، ثم ذكر مؤلفاته. وكان معاصرا للرئيس أبي علي بن سينا، ويظهر مما ذكره المؤرخون انه لم يكن بينهما صفاء. يحكى ان ابن سينا دخل عليه يوما في مجلس درسه فالقى بين يديه جوزة كانت في يده وقال بين لي مساحة هذه بالشعيرات فالقى اليه ابن مسكويه أوراقا وقال له أصلح بهذه أخلاقك حتى أجيبك عما تريد. وذكر ابن سينا في بعض مسائله أبا علي مسكويه فاستعادها كرات وكان عسر الفهم وتركته ولم يفهمها على الوجه انتهى وعاش أبو علي مسكويه طويلا حتى سئم الحياة ولم يعد يقدر على الحركة، وفي بعض أشعاره الآتية إشارة إلى ذلك.
تشيعه صرح بتشيعه السيد الداماد والقاضي نور الله في المجالس وصاحب رياض العلماء ويؤيد ذلك اختصاصه بهؤلاء الوزراء والملوك الشيعة وجعل عضد الدولة إياه خازنا واثارته عنده وجعله كاتم سره، وقوله في كتابه طهارة الأعراق: وسمع كلام الامام الاجل سلام الله عليه الذي صدر عن حقيقة الشجاعة فإنه قال لأصحابه: انكم ان تقتلوا أو تموتوا والذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من ميتة على الفراش. وتصريحه في كتابه الفوز الأصغر على ما حكي باعتقاد امام معصوم حيث ذكر في أواخره في بحث النبوة ان الامام يشارك النبي في جميع الصفات الا النبوة أو ما هذا معناه، ومدح المحقق الطوسي له ولكتابه طهارة الأعراق على ما في ديباجة الاخلاق الناصرية بهذه الأبيات:
بنفسي كتابا حاز كل فضيلة * وصار لتكميل البرية ضامنا مؤلفه قد ابرز الحق خالصا * بتأليفه من بعد ما كان كامنا