فنزعوا مرقعتي، وأخذوا الثياب وصفعوني، فصرت بعد ذلك أعرف بلص الحمام فسكنت نفسي.
قال أبو حامد: فهكذا كانوا يروضون أنفسهم حتى يخلصهم الله من النظر إلى الخلق، ثم من النظر إلى النفس، وأرباب الأحوال ربما عالجوا أنفسهم بما لا يفتي به الفقيه مهما رأوا صلاح قلوبهم، ثم يتداركون ما فرط منهم من صورة التقصير كما فعل هذا في الحمام.
قلت: سبحان من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفة كتاب الإحياء، فليته لم يحك فيه مثل هذا الذي لا يحل، والعجب أنه يحكيه ويستحسنه، ويسمي أصحابه أرباب أحوال، وأي حالة أقبح وأشد من حال من يخالف الشرع ويرى المصلحة في المنهي عنه. وكيف يجوز أن يطلب صلاح القلوب بفعل المعاصي أو قد عدم في الشريعة ما يصلح قلبه حتى يستعمل ما لا يحل فيها، وكيف يحل للمسلم أن يعرض نفسه لأن يقال عنه سارق. وهل يجوز أن يقصد وهن دينه ومحو ذلك عند شهداء الله في الأرض؟ ثم كيف يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه، ثم في نص مذهب أحمد والشافعي أن من سرق من الحمام ثيابا عليها حافظ وجب قطع يده، فعجبي من هذا الفقيه المستلب عن الفقه بالتصوف، أكثر من تعجبي من هذا المستلب الثياب. إنتهى.
توفي الغزالي سنة خمس وخمسمائة، ودفن بطاران من طوس. قيل في تاريخه بالفارسية:
نصيب حجة الإسلام زين سراى سپنج * حياة پنجه وچار، ووفات پانصد وپنچ غزالة: زوجة شبيب الخارجي، وكانت شجيعة، وهي التي حاربت الحجاج سنة كاملة، فقال الشاعر:
أقامت غزالة سوق الضرب * لأهل العراقين حولا قميطا أي تاما كاملا، والتي هرب الحجاج، فعيره عمران الخارجي بقوله: