بنظرها ليت شعري؟! ولو كان للعين نفسها أثر لكان يصح أن ينظر العائن إلى بعض أعدائه الذين يريد إهلاكهم وقلعهم، فيهلكهم بالنظر، وهذا باطل. إنتهى (1).
إن قيل: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟
الجواب: أن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون.
وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال: إذا رأيت شيئا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني! ويقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع يدها في إناء اللبن فيفسد، ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد، وكذا تدخل البستان فتضر بكثير من العروش من غير أن تمسها (2).
قال المجلسي: وأما العين فالظاهر من الآيات والأخبار أن لها أيضا تحققا، إما بأن جعل الله تعالى لذلك تأثيرا وجعل علاجه التوكل والتوسل بالآيات والأدعية الواردة في ذلك، أو بأن الله تعالى يفعل في المعين فعلا عند حدوث ذلك لضرب من المصلحة.
وقال في السحر والعين: ويقل أو يبطل تأثيرهما بالتوكل والدعاء والآيات والتعويذات.
ولذا كان شيوع السحر والكهانة وأمثالهما في الفترات بين الرسل وخفاء آثار النبوة واستيلاء الشياطين أكثر، وتضعف وتخفى تلك الأمور عند نشر آثار الأنبياء وسطوع أنوارهم، كأمثال تلك الأزمنة، فإنه ليس من دار ولا بيت إلا وفيه مصاحف كثيرة وكتب جمة من الأدعية والأحاديث، وليس من أحد إلا ومعه مصحف أو عوذة أو سورة شريفة، وقلوبهم وصدورهم مشحونة بذلك، فلذا لا نرى منها أثرا بينا في تلك البلاد إلا نادرا في البلهاء والضعفاء والمنهمكين في المعاصي، وقد نسمع ظهور بعض آثارها في أقاصي البلاد، لظهور آثار الكفر