ومنها: الروايات الشريفة المتواترة الناصة على عصمتهم، كما تقدمت الإشارة إلى مواضعها. ومنها: أحاديث الثقلين المتفقة المتواترة في كتب الفريقين، فإن النبي أمر بالتمسك بالقرآن والعترة وضمن الهداية، وعدم الضلالة لمن تمسك بهما، فلو لم تكن العترة معصومة لم يؤمن خطؤها، وحينئذ لا يكون التمسك بهم أمانا من الضلالة، كما بينا في أول كتاب " اثبات ولايت ".
قال الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه الزهد: لا خلاف بين علمائنا في أنهم معصومون عن كل قبيح مطلقا، وأنهم كانوا يسمون ترك المندوب ذنبا سيئة بالنسبة إلى كمالهم.
كلام صاحب كشف الغمة في تأويل ما نسبوا إلى أنفسهم المقدسة من الذنب والخطايا والعصيان مع عصمتهم قال: فائدة سنية: كنت أرى الدعاء الذي كان يقوله أبو الحسن (عليه السلام) في سجدة الشكر وهو: " رب عصيتك بلساني، ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري - الخ ". فكنت أفكر في معناه وأقول: كيف يتنزل على ما يعتقده الشيعة من القول بالعصمة؟ وما اتضح لي ما يدفع التردد عني.
فاجتمعت بالسيد السعيد النقيب رضي الدين أبي الحسن علي بن موسى الطاووس العلوي الحسيني (رحمه الله) وألحقه بسلفه الطاهر، فذكرت له ذلك فقال: إن الوزير السعيد مؤيد الدين القمي رحمه الله تعالى سألني عنه فقلت: كان يقول هذا ليعلم الناس، ثم إني ذكرت بعد ذلك فقلت: هذا كان يقول في سجدته في الليل وليس عنده من يعلمه.
ثم سألني عنه الوزير مؤيد الدين محمد ابن العلقمي فأخبرته بالسؤال والجواب الأول الذي قلت، والذي أوردته عليه، وقلت: ما بقي إلا أن يكون يقول على سبيل التواضع وما هذا معناه، فلم يقع مني هذه الأقوال بموقع ولا حلت من قلبي في موضع.
ومات السيد رضي الدين.
فهداني الله إلى معناه ووقفني على فحواه، فكان الوقوف عليه والعلم به