أرى الغدر عارا يكتب الدهر وسمه * ويقرؤه بين الورى الملوان ولا تساليني عن زماني فإنني * انزه عن شكوى الخطوب لساني ولكن سلي عني الزمان فإنه * يحدث عن صبري على الحدثان رمتني الليالي بالخطوب جهالة * بصبري على ما نابني وعراني فما أوهنت عزمي الرزايا ولا لها * بحسن اصطباري في الملم يدان وكم نكبة ظن العدى انها الردى * سمت بي واعلت في البرية شاني وما انا ممن يستكين لحادث * ولا يملأ الهول المخوف جناني وإن كان دهر غال رفدي فلم يغل * ثنائي ولا ذكري بكل مكان وما كان إلا للنوال وللقرى * وغوثا لملهوف وفدية عاني حمدت على حالي يسار وعسرة * وبرزت في يومي ندى وطعان ولم ادخر للدهر إن راب أو نبا * وللخطب الا صارمي وسناني لان جميل الذكر يبقى لأهله * وكل الذي فوق البسيطة فاني وقال ابن خلكان: له ديوان شعر في جزءين موجود بأيدي الناس ورأيته بخطه ونقلت منه:
لا تستعر جلدا على هجرانهم * فقواك تضعف عن صدود دائم واعلم بأنك إن رجعت إليهم * طوعا وإلا عدت عودة راغم وله جواب عن ابيات كتبها اليه أبوه:
وما أشكو تلون أهل ودي * ولو أجدت شكيتهم شكوت ملكت عتابهم ويئست منهم * فما أرجوهم فيمن رجوت إذا أدمت قوارضهم فؤادي * كظمت على أذاهم وانطويت ورحت عليهم طلق المحيا * كأني ما سمعت ولا رأيت تجنوا لي ذنوبا ما جنتها * يداي ولا أمرت ولا نهيت ولا والله ما أضمرت غدرا * كما قد أظهروه ولا نويت ويوم الحشر موعدنا فتبدو * صحيفة ما جنوه وما جنيت وعن العماد في الخريدة أنشدني لنفسه من قديم شعره:
قالوا نهته الأربعون عن الصبي * وأخو المشيب يحور ثمة يهتدي كم حار في ليل الشباب فدله * صبح المشيب على الطريق الأقصد وإذا عددت سني ثم نقصتها * زمن الهموم فتلك ساعة مولدي قال وأنشدني من قديم شعره:
لم يبق لي في هواكم ارب * سلوتكم والقلوب تنقلب أوضحتم لي سبل السلو وقد * كانت لي الطرق عنه تنشعب آلام دمعي من هجركم سرب * قان وقلبي من غدركم يجب ان كان هذا لان تعبدني * الحب فقد أعتقتني الريب أحببتكم فوق ما توهمه الناس * وخنتم اضعاف ما حسبوا وقوله:
يا دهر ما لك لا يصد * ك عن مساءتي العتاب أمرضت من أهوى ويا * بي ان أمرضه الحجاب لو كنت تنصف كانت * الأمراض لي وله الثواب قال العماد ولما اجتمعت به في دمشق قلت له هل لك معنى مبتكر في الشيب فأنشدني:
لو كان صد معاتبا ومغاضبا * أرضيته وتركت خدي شائبا لكن رأى تلك النضارة قد ذوت * لما غدا ماء الشبيبة ناضبا ورأى النهي بعد الغواية صاحبي * فثنى العنان يريغ غيري صاحبا وأبيه ما ظلم المشيب فإنه * أملي فقلت عساه غني راغبا انا كالدجى لما تناهى عمره * نشرت له أيدي الصباح ذوائبا ومن شعره قوله في محبوس:
حبسوك والطير النواطق إنما * حبست لميزتها على الأنداد وتهيبوك وأنت مودع سجنهم * وكذا السيوف تهاب في الأغماد ما الحبس دار مهانة لذوي العلى * لكنه كالغيل للآساد وقوله: في الشمعة:
انظر إلى حسن صبر الشمع يظهر * للرائين نورا وفي النار تستعر كذا الكريم تراه ضاحكا جذلا * وقلبه بدخيل الغم منفطر وقوله:
نافقت دهري فوجهي ضاحك جذل * طلق وقلبي كئيب مكمد باكي وراحة القلب في الشكوى ولذتها * لو أمكنت لا تساوي ذلة الشاكي وقوله:
لئن غض دهر من جماحي أو ثنى * عناني أو زلت باخمصي النعل تظاهر قوم بالشمات جهالة * وكم احنة في الصدر أبرزها الجهل وهل انا الا السيف فلل حده * قراع الأعادي ثم ارهفه الصقل وقوله:
لا تحسدن على البقاء معمرا * فالموت أيسر ما يؤول اليه وإذا دعوت بطول عمر لامرئ * فاعلم بأنك قد دعوت عليه قال العماد وتناشدنا بيتا للوزير المغربي في خفقان القلب وهو:
كان قلبي إذا عن ادكاركم * ظل اللواء عليه الريح تخترق فقال لي الأمير اسامة فقد شبهت القلب الخافق وبالغت في تشبيهه وأربيت عليه في قولي من ابيات:
أحبابنا كيف اللقاء ودونكم * عرض المهامة والفيافي الفيح أبكيتم عيني دما لفراقكم * فكأنما انسانها مجروح وكان قلبي حين يخطر ذكركم * لهب الضرام تعاورته الريح وأنشدني من قوله أيام شبابه وهو معتقل في الخيال:
ذكر الوفاء خيالك المنتاب * فألم وهو بودنا مرتاب نفسي فداؤك من حبيب زائر * متعتب عندي له الأعتاب ودي كعهدك والديار قريبة * من قبل ان تتقطع الأسباب ثبت فلا طول الزيارة ناقص * منه وليس يزيده الأغباب حظر الوفاء علي هجرك طائعا * وإذا اقتسرت فما علي عتاب وأنشدني:
واعجب ما لقيت من الليالي * واي فعالها بي لم يسؤني تقلب قلب من مثواه قلبي * وجفوة من ضممت عليه جفني وأنشدني لنفسه في الشطرنج:
انظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها * مغالبا ثم بعد الجمع يرميها كالمرء يكدح للدنيا ويجمعها * حتى إذا مات خلاها وما فيها قال وأنشدني لنفسه:
أأحبابنا هلا سبقتم بوصلنا * صروف الليالي قبل ان نتفرقا