له: وما غمك يا اسامة؟ قال: ديني وهو ستون ألف درهم، فقال: هو علي، قال: اني أخشى ان أموت، قال: لن تموت حتى أقضيها عنك فقضاها قبل موته. ثم قال الكشي: محمد بن مسعود حدثني أحمد بن منصور عن أحمد بن المفضل عن محمد بن زياد عن سلمة بن محرز عن أبي جعفر ع قال: ألا أخبركم باهل الوقوف؟ قلنا بلي، قال: أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا الا خيرا، ومحمد بن سلمة وابن عمر مات منكوبا. قال العلامة في الخلاصة: في طريقه ضعف ذكرناه في كتابنا الكبير والأقوى عندي التوقف في روايته. قال أبو عمرو الكشي: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني قال: حدثني جعفر بن محمد المدائني عن موسى بن القاسم العجلي أو البجلي عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع عن آبائه ع قال كتب علي ع إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا فاما أسامة بن زيد فاني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه انتهى. وفي أسد الغابة: لم يبايع اسامة عليا ولا شهد معه شيئا من حروبه وقال له لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله ص حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد ان لا إله إلا الله وأشار بذلك إلى ما رواه ابن إسحاق عن محمد بن اسامة بن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركت هذا الرجل يعني كافرا كان قد قتل في المسلمين في غزوة لهم قال أدركته انا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلاح قال: أشهد ان لا إله إلا الله فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ص أخبرناه خبره فقال: يا اسامة من لك بلا إله الا الله فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت ان ما مضى من اسلامي لم يكن واني كنت أسلمت يومئذ ولم اقتله فقلت أعطي الله عهدا ان لا اقتل رجلا يقول لا إله إلا الله ابدا قال تقول بعدي يا اسامة قلت بعدك انتهى وفي الدرجات الرفيعة: لم يشهد اسامة شيئا من مشاهد أمير المؤمنين ع واعتذر عن ذلك باليمين التي كانت عليه انه لا يقتل رجلا يقول لا إله إلا الله وذلك أن النبي ص بعث سرية فيها اسامة فقتل رجلا يقال له مرداس بن نهيك من بني مرة بن عوف وكان من أهل فدك وكان مسلما لم يسلم من قومه غيره فسمعوا بسرية رسول الله ص تريدهم وكان على السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا واقام الرجل لأنه كان مسلما فلما رأى الخيل خاف ان يكونوا من غير أصحاب رسول الله ص فالجا غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو إلى الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون فلما سمع التكبير عرف انهم مسلمون فكبر ونزل وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله ص فأخبروه فوجد رسول الله ص من ذلك وجدا شديدا وقد كان سبقهم قبل ذلك الخبر فقال رسول الله ص قتلتموه إرادة ما معه ثم قرأ ص: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا الآية فقال اسامة: يا رسول الله استغفر لي فقال كيف بلا إله إلا الله فقالها رسول الله ص ثلاث مرات قال اسامة فما زال رسول الله ص يعيدها حتى وددت اني لم أكن أسلمت الا يومئذ ثم إن رسول الله ص استغفر لي بعد ذلك ثلاث مرات وقال اعتق رقبة ثم حلف اسامة ان لا يقتل بعد ذلك رجلا يقول لا إله إلا الله انتهى.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا قال: فإنها نزلت لما رجع رسول الله ص من غزوة خيبر بعث أسامة في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الاسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول الله ص جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فاقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول الله ص أخبره بذلك فقال الرسول ص قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله. فقال: يا رسول الله انما قالها تعوذا من القتل فقال رسول الله ص أفلا شققت الغطاء عن قلبه لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في لسانه علمت فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فتخلف عن أمير المؤمنين ع في حروبه وانزل الله تعالى في ذلك هذه الآية انتهى.
أقول في هذه الآية دلالة على أنه انما قتل الرجل طمعا في غنمه واما اعتذاره عن عدم الجهاد مع أمير المؤمنين ع بالعهد الذي عاهده فعذر غير مقبول لأن العهد لا ينعقد على ترك واجب واما ما كتبه أمير المؤمنين ع إلى والي المدينة مما تقدم بأنه عذر فهو ع اعرف بوجه المصلحة في اظهار انه عذره ان صح الحديث والا فظاهر الحال يوجب عدم عذره ولو عذرنا في ترك الجهاد مع علي ع وهو غير معذور فبما نلتمس له العذر في تأخره عن انفاذ امر رسول الله ص يوم امره على الجيش كما ستعرف وبما ذا نعذره بعدم بيعته لعلي ع هو وسعد وابن عمر الا ان يكون قد تاب كما مر.
ونقل الزمخشري في ربيع الأبرار ان أسامة بن زيد بعث إلى علي ع ان ابعث إلي بعطائي فوالله انك لتعلم انك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب اليه ان هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت انتهى وهذه تدل على مكارم اخلاق من أمير المؤمنين ع وثبات قدم في الدين والتقوى وسياسة عظيمة فلم يعطه من مال الفئ لأنه لم يجاهد وأعطاه من ماله. وأسامة هو الذي أنفذه رسول الله ص بجيش إلى بلاد الروم حيث قتل أبوه وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في وقعة موءتة وذلك في مرض رسول الله ص الذي توفي فيه وأمره على رؤساء المهاجرين والأنصار وعمره يومئذ 18 أو 20 سنة وأمره ان يعسكر بالجرف وحث على الخروج معه وذم من تخلف عن جيشه وكان يقول مكررا انفذوا جيش اسامة لعن الله من تخلف عن جيش اسامة فبقي معسكرا بالجرف ولم يتوجه والناس يترددون بين المعسكر والمدينة حتى توفي النبي ص.
وروى ابن سعد في الطبقات: عن محمد بن عمر عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: كان رسول الله ص قد بعث اسامة وأمره ان يوطئ الخيل تخوم البلقاء حيث قتل أبوه وجعفر فجعل اسامة وأصحابه يتجهزون وقد عسكر بالجرف فاشتكى رسول الله ص وهو على ذلك وقد وجد من نفسه راحة فخرج عاصبا رأسه فقال أيها الناس انفذوا بعث اسامة ثلاث مرات الحديث. وروى ابن سعد أيضا عدة أحاديث، في بعضها ان رسول الله ص بلغه قول الناس استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار، وفي بعضها ان الناس طعنوا في امارته وفي بعضها عابوه وطعنوا في امارته فخرج رسول الله ص حتى جلس على المنبر وقال أيها