فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
أيها الناس أنا الذي فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها غيري.
وأيم الله لو لم أكن فيكم لما قوتل أهل الجمل، ولا أهل صفين، ولا أهل النهروان - وساقه إلى قوله:
سلوني عما شئتم قبل أن تفقدوني، فوالله إني بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض.
أنا يعسوب المؤمنين، وأول السابقين، وإمام المتقين، وخاتم الوصيين، ووارث النبيين، وخليفة رب العالمين.
أنا ديان الناس يوم القيامة، وقسيم الله بين أهل الجنة والنار.
وأنا الصديق الأكبر، والفاروق الذي أفرق بين الحق والباطل، وإن عندي علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب، وما من آية نزلت إلا وقد علمت فيما نزلت وعلى من نزلت.
أيها الناس! إنه وشيك أن تفقدوني، إني مفارقكم، وإني ميت أو مقتول، ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها؟!
وفي رواية أخرى: ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من دم هذا؟! يعني لحيته من دم رأسه.
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة - وفي نسخة أخرى: والذي نفسي بيده - لا تسألوني عن فئة تبلغ ثلاثمائة فما فوقها مما بينكم وبين قيام الساعة، إلا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها، وبخراب العرصات، متى تخرب، ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة - الخ (1).
قال ابن أبي الحديد في شرح هذه الخطبة:
إعلم أنه أقسم في هذا الفصل بالله الذي نفسه بيده أنهم لا يسألون عن أمر يحدث بينهم وبين القيامة إلا أخبرهم به، وأنه ما من طائفة من الناس تهتدي بها