تفأل حبيب بن ذويب حين بايع طلحة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد قتل عثمان وقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، أول من بدأ بالبيعة يد شلاء لا يتم هذا الأمر (1).
تفأل شداد بن ربيعة بكبشين ينتطحان، فجاء رجلان نحوهما فأخذ كل واحد منهما كبشا بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين لا يغلب ولا يغلب (2).
أقول: قال في كشف الظنون: علم الفال وهو علم يعرف به بعض الحوادث الآتية، من جنس الكلام المسموع من الغير، أو بفتح المصحف، أو كتب المشايخ كديوان حافظ والمثنوي ونحوهما. وقد اشتهر ديوان حافظ بالتفأل حتى صنفوا فيه كما مر. وأما التفأل بالقرآن فجوزه بعضهم لما روي عن الصحابة، وكان عليه الصلاة والسلام يحب الفال وينهى عن الطير. ومنعه آخرون. إنتهى.
روى الكليني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تتفأل بالقرآن.
قال المحقق المحدث الكاشاني في الوافي ما ملخصه: أنه لا ينافي هذا ما اشتهر اليوم بين الناس من الاستخارة بالقرآن على النحو المتعارف بينهم، لأن التفأل غير الاستخارة، فإن التفأل إنما يكون فيما سيقع ويتبين الأمر فيه كشفاء مريض أو موته، ووجدان الضالة أو عدمه، ومآله إلى تعجيل تعرف علم الغيب وقد ورد النهي عنه وعن الحكم فيه بتة لغير أهله.
بخلاف الاستخارة فإنه طلب لمعرفة الرشد الذي أريد فعله أو تركه وتفويض الأمر إلى الله سبحانه في التعيين. وإنما منع من التفأل بالقرآن وإن جاز بغيره إذا لم يحكم بوقوع الأمر على البت. لأنه إذا تفأل بغير القرآن ثم تبين خلافه فلا بأس بخلاف القرآن فإنه يقضي إلى إساءة الظن بالقرآن. ولا يتأتى ذلك في الاستخارة به لبقاء الإبهام فيه بعد، وإن ظهر السوء، لأن العبد لا يعرف خيره من شره في شئ، قال الله تعالى: * (عسى أن تكرهوا) * - الآية. إنتهى. وتقدم في " طير ": ما يناسب ذلك.