الكافي: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك، واتق الله ربك.
بيان: إعلم أن حقيقة التفكر طلب علم غير بديهي من مقدمات موصلة إليه كما إذا تفكر أن الآخرة باقية والدنيا فانية، فإنه يحصل له العلم بأن الآخرة خير من الدنيا، وهو يبعثه على العمل للآخرة، فإن التفكر سبب لهذا العلم والعمل.
وقيل: التفكر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد، وهو قريب من النظر. ولا يرتقي أحد من النقص إلى الكمال إلا بهذا السير. ومبادئه الآفاق والأنفس، بأن يتفكر في أجزاء العالم وذراته، وفي الأجرام العلوية، وفي الأجرام السفلية، وفي أجزاء الإنسان وأعضائه. وغير ذلك مما لا يحصى كثرة. ويستدل بها وبما فيها من المصالح والحكم والتغيير على كمال الصانع وعظمته وعلمه وقدرته وعدم ثبات ما سواه.
ومن هذا القبيل التفكر في أحوال الماضين، وانقطاع أيديهم عن الدنيا وما فيها، ورجوعهم إلى دار الآخرة، فإنه يوجب قطع المحبة عن غير الله، والانقطاع إليه بالتقوى والطاعة، ولذا أمر بهما بعد الأمر بالتفكر، ويمكن تعميم التفكر بحيث يشمل التفكر في معاني الآيات القرآنية والأخبار النبوية والآثار المروية عن الأئمة الأطهار والمسائل الدينية والأحكام الشرعية. وبالجملة كلما أمر الشارع بالخوض فيه والعلم به.
قوله: " وجاف عن الليل جنبك " أي جاف عن الفراش بالليل أو جاف عن فراش الليل. وعلى التقديرين كناية عن القيام بالليل للعبادة (1).
الكافي: عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر؟ قال: يمر بالخربة أو بالدار فيقول:
أين ساكنوك وأين بانوك؟ مالك لا تتكلمين؟
بيان: خير من قيام ليلة، لأن التفكر من أعمال القلب وهو أفضل من أعمال