قال الطبرسي في قوله تعالى: * (ولله غيب السماوات والأرض) * ما حاصله: إنا لا نعلم أحدا من الشيعة استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق، وإنما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومات، لا بعلم مستفاد يعني العلم الذاتي، وهذا صفة القديم سبحانه العالم لذاته لا يشركه فيه أحد، ومن اعتقد أن غير الله يشركه في هذه الصفة فهو خارج عن ملة الإسلام.
وأما ما نقل عن أمير المؤمنين وأئمة الهدى صلوات الله عليهم من الأخبار بالغائبات في خطب الملاحم وغيرها فإن جميع ذلك متلقى من النبي (صلى الله عليه وآله) مما اطلعه الله عليه - الخ.
وقال في قوله تعالى: * (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) *:
الغيب هو ما غاب علمه عن الخلق مما يكون في المستقبل (لا يعلمه) إلا الله وحده أو من أعلمه الله.
وقال في قوله تعالى: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) *: ثم استثنى فقال: * (إلا من ارتضى من رسول) * يعني الرسل، فإنه يستدل على نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية ومعجزة لهم، ومعناه أن من ارتضاه واختاره للنبوة والرسالة فإنه يطلعه على ما شاء من غيبه - الخ (1).
وصريح كلامه أن ما أنكره هو العلم الذاتي لا العلم المستفاد من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله).
قال العلامة المجلسي: قد عرفت مرارا أن نفي علم الغيب عنهم معناه أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام، وإلا فظاهر أن عمدة معجزات الأنبياء والأوصياء من هذا القبيل. وأحد وجوه إعجاز القرآن أيضا اشتماله على الأخبار بالمغيبات، ونحن نعلم أيضا كثيرا من المغيبات بأخبار الله تعالى ورسوله والأئمة صلوات الله عليهم كالقيامة وأحوالها والجنة والنار والرجعة وقيام القائم (عليه السلام) ونزول عيسى وغير ذلك من أشراط الساعة، والعرش