للناس خدعة وغدرا، وأن خامسهم وهو الرشيد كان كبشهم إذ لم يستقر ملك أحد منهم كاستقرار ملكه، وأن سابعهم وهو المأمون كان أعلمهم، واشتهار وفور علمه من بينهم يغني عن البيان، وأن عاشرهم وهو المتوكل أكفرهم بل أكفر الناس، لشدة نصبه وإيذائه لأهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم وسائر الخلق، وإن من قتله كان من غلمانه الخاصة، وخامس عشرهم المعتمد أحمد بن المتوكل، وهو وإن كان زمان خلافته ثلاثا وعشرين سنة لكن كان في أكثر عمره مشتغلا بحرب صاحب الزنج وغيره، فلذا وصفه (عليه السلام) بكثرة العناء وقلة الغناء.
وسادس عشرهم المعتضد بالله، رأى في النوم رجلا أتى دجلة فمد يده إليها فاجتمع جميع مائها فيها، ثم فتح كفه ففاض الماء، فسأل المعتضد أتعرفني؟ فقال:
لا، فقال: أنا علي بن أبي طالب، فإذا جلست على سرير الخلافة فأحسن إلى أولادي، فلما وصلت إليه الخلافة أحب العلويين وأحسن إليهم، فلذا وصفه (عليه السلام) بقضاء العهد وصلة الرحم.
وثامن عشرهم هو جعفر الملقب بالمقتدر بالله، وخرج مؤنس الخادم من جملة عسكره وأتى الموصل واستولى عليه، وجمع عسكرا ورجع وحارب المقتدر في بغداد وانهزم عسكر المقتدر، وقتل هو في المعركة، واستولى على الخلافة من بعده ثلاثة من أولاده: الراضي بالله محمد بن المقتدر، والمتقي بالله إبراهيم بن المقتدر، والمطيع لله فضل بن المقتدر.
وأما الثاني والعشرون منهم فهو المكتفي بالله عبد الله، ادعى الخلافة بعد مضي إحدى وأربعين من عمره في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، واستولى أحمد بن بويه في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة على بغداد وأخذ المكتفي وسمل عينه وتوفي في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ويقال: إنه كان أيام خلافته سنة وأربعة أشهر.
ويحتمل أن يكون من خطأ المؤرخين أو رواة الحديث بأن يكون في الأصل الخامس والعشرون أو السادس والعشرون، فالأول هو القادر بالله أحمد بن إسحاق وقد عمر ستا وثمانين سنة، وكانت مدة خلافته إحدى وأربعين سنة،