وقد جوزت الغيبة في عشرة مواضع: الشهادة، والنهي عن المنكر، وشكاية المتظلم، ونصح المستشير، وجرح الشاهد والراوي، وتفضيل العلماء والصناع على بعض، وغيبة المتظاهر بالفسق الغير المستنكف على قول، وذكر المشتهر بوصف مميز له كالأعور والأعرج مع عدم قصد الاحتقار والذم، وذكره عند من يعرفه بذلك، بشرط عدم سماع غيره على قول، والتنبيه على الخطأ في المسائل العلمية ونحوها بقصد أن لا يتبعه أحد فيها. إنتهى.
قال المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ما ملخصه: أنه لا ريب في اختصاص تحريم الغيبة بمن يعتقد الحق، فإن أدلة الحكم غير متناولة لأهل الضلال، لأن الحكم فيها منوط بالمؤمن أو بالأخ، والمراد إخوة الإيمان. وفي بعض الأخبار أيضا تصريح بالإذن في سب أهل الضلال والوقيعة فيهم. - ثم ذكر الخبر الذي ذكرناه في " بدع " - إلى أن قال:
فكما أن في التعرض لإظهار عيوب الناس خطرا أو محذورا فكذا في جسم مادته وسد بابه فإنه مغر لأهل النقائص ومرتكبي المعاصي بما هم عليه. فلا بد من تخصيص الغيبة بمواضع معينة يساعدها الاعتبار، وتوافق مدلول الأخبار.
ثم نقل كلام السيد ضياء الدين في شرحه على الشهاب في تفسير قوله (صلى الله عليه وآله):
" ليس لفاسق غيبة ": أن الاعتبار يقتضي اختصاص الحكم بالمستور الذي لا يترتب على معصيته أثر في غيره، ويحتمل حالهم عدم الإصرار عليها إن كانت صغيرة، والتوبة منها إن كانت كبيرة، أو يرتجى له ذلك قبل ظهورها عنه واشتهاره بها، ولا يكون في ذكرها صلاح له، كما إذا قصد تقريعه وظن انزجاره. وكان القصد خالصا من الشوائب. والأدلة لا تنافي هذا، فلا وجه للتوقف فيه. إنتهى ملخصا (1).
الكافي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأل النبي (صلى الله عليه وآله): ما كفارة الاغتياب؟ قال:
تستغفر الله لمن اغتبته كلما ذكرته.