غلام اسمه قنبر، وكان يحب عليا حبا شديدا. فإذا خرج علي خرج على أثره بالسيف. فرآه ذات ليلة، فقال: يا قنبر مالك؟ قال: جئت لأمشي خلفك، فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين، فخفت عليك. فقال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟ قال: لا، بل من أهل الأرض. قال: إن أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئا إلا بإذن الله عز وجل من السماء، فارجع فرجع (1).
أقول: ويشهد على ذلك قوله تعالى: * (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) * الآية.
روى رجال الكشي وتفسير العياشي عن أبي الحسن الهادي صلوات الله عليه: أن قنبرا مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) ادخل على الحجاج فقال: ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: كنت أوضيه. فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ فقال: كان يتلوا هذه الآية: * (فلما نسوا ما ذكروا به - إلى قوله: - الحمد لله رب العالمين) *. فقال الحجاج أظنه كان يتأولها علينا؟ قال: نعم (2).
بيان: أوضيه بمعناه العام اللغوي.
مجالس المفيد: عن جابر، قال: سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين: مهلا يا قنبر دع شاتمك مهانا ترضي الرحمن وتسخط الشيطان وتعاقب عدوك. فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه (3).
روى أصحاب السير أن الحجاج بن يوسف الثقفي قال ذات يوم: أحب أن أصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه! فقيل له: ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لأبي تراب من فأتقرب إلى الله بدمه! فقيل له: ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه. فبعث في طلبه فاتي به، فقال له: أنت