قال شيخنا الأجل صاحب دار السلام: حدثني العالم الفاضل وقدوة أرباب الفضائل الثقة النقه الصالح الزكي المولى النبيل الرباني السيد أبو القاسم ابن السيد معصوم الحسيني الإشكوري الجيلاني - أصلح الله تعالى شأنه وصانه عما شانه - قال: كنت في عنفوان الشباب في بلدة قزوين منذ أربع سنين مشغولا بتحصيل الكلام وحكمة اليونانيين مجتنبا عن كتب الفقهاء والأصوليين، إلى أن ساعدني التوفيق إلى زيارة سيدي ومولاي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فحضرت مجالس بحث الفقهاء والأصوليين، وكنت أرى مطالبهم أوهن من بيت العنكبوت.
فعزمت العود ثانيا على قراءة الحكمة، فقرأت أياما إلهيات الأسفار للمولى صدرا عند بعض المتألهين، ثم ترددت في أمري فتفألت بالقرآن المبين، فكان أول ما رأيت منه قوله تعالى: * (قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا) * فوهن عزمي أياما من قراءتها.
ثم أردت العود ثالثا فرأيت في عالم الطيف أن القيامة قد قامت، ورأيت لمة من الناس حيارى وأخرى معذبين بأنواع العذاب، وتبين أنه لا بأس علي وعلى صاحب كان معي، فقلت لصاحبي: أريد أن أنظر إلى الجحيم وعذابها الأليم.
قال: إني أخاف منها ولا أصاحبك، فبادرت عليها وسرت في الحشر حتى رأيت الجحيم كبئر عميق في أطرافها الأربعة أربعة من الملائكة على عواتقهم أعمدة تشتعل منها النار، فدنوت إلى واحد منهم، فصاح علي وقال: تنح عن الدار فليست هي مقامك. فاقشعر جلدي وقلت: أريد أن آخذ منها جذوة لرفع حاجة.
قال: لا تقدر على استخراجها منها، وإنما كان غرضي النظر إليها والاطلاع على من كان فيها، فسعى معي في حاجتي فما قدرنا على إنجاحها، ثم صاح علي ثانيا، فرجعت قهقرى لهيبته إلى مسافة، ثم استدبرته مقدارا آخر، ثم استقبلتهم لأنظر ما يصنعون، فرأيتهم أخرجوا من جهنم رجلا أسود طويلا مشوه الخلقة يخرج من منافذ أعضائه شعلات من نار، ثم أسندوه إلى حائط وضربوا على رأسه وصدره ويده وسائر أعضائه مسامير من حديدة محماة، ثم شقوا صدره وأدخلوا