وقال علي (عليه السلام): لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان، ثم قرأ هذه الآية. فراجع للتفصيل إلى البحار (1).
واعلم أن بدن الإنسان بمنزلة مدينة كبيرة لها حصن منيع هو القلب، بل هو العالم الصغير من جهة والعالم الكبير من جهة أخرى، والله سبحانه هو سلطان القلب ومدبره، بل القلب عرشه، وحصنه بالعقل والملائكة، ونوره بالأنوار الملكوتية، واستخدمه القوى الظاهرة والباطنة، والجوارح والأعضاء الكثيرة.
ولهذا الحصن أعداء كثيرة من النفس الأمارة، والشياطين الغدارة، وأصناف الشهوات النفسانية، والشبهات الشيطانية.
فإذا مال العبد بتأييده سبحانه إلى عالم الملكوت، وصفى قلبه بالطاعات والرياضات عن شوك الشكوك والشبهات وقذارة الميل إلى الشهوات، استولى عليه حبه تعالى ومنعه عن حب غيره، فصارت القوى والمشاعر وجميع الآلات البدنية مطيعة للحق منقادة له، ولا تأتي شئ منها بما ينافي رضاه.
وإذا غلبت عليه الشقوة وسقط في مهاوي الطبيعة، استولى الشيطان على قلبه وجعله مستقر ملكه، ونفرت عنه الملائكة، وأحاطت به الشياطين وصارت أعماله كلها للدنيا وإرادته كلها للهوى، فيدعي أنه يعبد الله وقد نسي الرحمن وهو يعبد النفس والشيطان.
فظهر أنه لا يجمع حب الله وحب الدنيا ومتابعة الله ومتابعة الهوى في قلب واحد، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه (2).
كلام من العلامة المجلسي في مراعاة القلب، فإن رآه مقبلا شكر الله وطلب الزيادة لئلا يزيغ، وإلا تاب وتدارك (3).
تفسير قوله: * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) *: