العصرين فأفت المستفتي وعلم الجاهل وذاكر العالم - الخ (1).
أقول: يظهر منه أن الفتوى غير التعليم، وأن المستفتي هو المقلد وهو غير المتعلم، وعلى ذلك فطرة العقلاء في حق من يرجع إليهم في كل صنعة وعلم. مثلا من يراجع إلى الطبيب تارة يريد رفع حاجته الفعلية ودفع مرضه، وتارة يريد أن يتعلم الطب. ففي مقام الأول لا يجوز التعويل فيما يقوله على القرينة المنفصلة لأنه في مقام الحاجة، فيقول له شيئا عاما أو مطلقا، ويعول في تخصيصه وتقييده على المنفصل، فيكون اللفظ عاما أو مطلقا ويريد الخاص والمقيد، ويعتمد على القرينة المنفصلة في زمان آخر منه فضلا عن غيره، فينفتح باب الاجتهاد والتقليد.
وأن الرسول والإمام إما في مقام التعليم وإما في مقام الإفتاء.
ففي مقام الإفتاء لا يجوز التعويل على القرينة المنفصلة لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، بخلاف التعليم فإنه أسس على التدريج. ولهذا الإجمال تفاصيل أفرد الأستاذ الأعظم رسالة مفردة في ذلك وجمع الأدلة من الآيات والروايات فيها، فمن أراد راجع إليها.
موارد إفتاء الأئمة صلوات الله عليهم:
في كتاب الوصية للأئمة (عليهم السلام) النازل من السماء، المروية في الكافي باب أن الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون - الخ، فلما إنتهى الكتاب إلى الباقر (عليه السلام) ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم - إلى أن قال -: ثم دفعه إلى ابنه جعفر (عليه السلام) ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك - الخبر.
ورواه في علل الصدوق باب 135 وفيه أن حدث الناس وأفتهم وانشر علم آبائك - الخ.
قول المنصور لمولانا الصادق (عليه السلام): فاقعد غير محتشم وأفت الناس - الخ (2).