قصص الأنبياء: عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال:
إن فرعون بنى سبع مدائن فتحصن فيها من موسى (أقول: وفي رواية العياشي:
وجعل فيما بينها آجاما وغياضا وجعل فيها الأسد ليتحصن بها من موسى)، فلما أمره الله أن يأتي فرعون، جاءه ودخل المدينة، فلما رأته الأسود بصبصت بأذنابها، ولم يأت مدينة إلا انفتح له، حتى إنتهى إلى التي هو فيها، فقعد على الباب وعليه مدرعة من صوف ومعه عصاه، فلما خرج الآذن قال له موسى: إني رسول رب العالمين إليك، فلم يلتفت، فضرب بعصاه الباب، فلم يبق بينه وبين فرعون باب إلا انفتح، فدخل عليه وقال: أنا رسول رب العالمين، فقال: ائتني بآية. فألقى عصاه، وكان لها شعبتان فوقعت إحدى الشعبتين في الأرض، والشعبة الأخرى في أعلى القبة، فنظر فرعون إلى جوفها وهي تلتهب نارا وأهوت إليه، فأحدث فرعون وصاح:
يا موسى خذها، ولم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب. فلما أخذ موسى العصا ورجعت إلى فرعون نفسه، هم بتصديقه، فقام إليه هامان وقال: بينا أنت إله تعبد إذ أنت تابع لعبد؟! واجتمع الملأ وقالوا: هذا ساحر عليم، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم. فلما ألقوا حبالهم وعصيهم ألقى موسى عصاه فالتقمتها كلها، وكان في السحرة اثنان وسبعون شيخا خروا سجدا، ثم قالوا لفرعون: ما هذا سحر، لو كان سحرا لبقيت حبالنا وعصينا.
ثم خرج موسى ببني إسرائيل يريد أن يقطع بهم البحر فأنجى الله موسى ومن معه، وغرق فرعون ومن معه. فلما صار موسى في البحر اتبعه فرعون وجنوده فتهيب فرعون أن يدخل البحر، فمثل جبرئيل على ما ديانة، وكان فرعون على فحل، فلما رأى قوم فرعون الماديانة إتبعوها فدخلوا البحر وغرقوا، وأمر الله البحر فلفظ فرعون ميتا حتى لا يظن أنه غائب وهو حي.
ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يرجع ببني إسرائيل إلى الشام. فلما قطع البحر بهم مر على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة