فيلقوس اليوناني، وهو الذي بلغ أقصى المشرق والمغرب والشمال، وبنى الإسكندرية وغزا الأمم البعيدة، ورجع إلى خراسان وبنى المدن الكثيرة، ورجع إلى العراق ومرض بشهرذور ومات بها، وذكروا في وجه تسميته ذا القرنين وجوها (1).
وتقدم في " عفرت ": أنه بنى بلدة خراسان، ويأتي في " مرا ": أنه بنى بلدة مرو.
بناؤه مسجد الإسكندرية وتدبيره في سعته، وسيره في البلاد، وبناؤه السد، وسيره إلى الظلمات، براوية أخرى (2).
وجه تشبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بذي القرنين وقول الجزري في النهاية: فيه أنه قال لعلي (عليه السلام): " إن لك بيتا في الجنة وإنك ذو قرنيها " أي طرفي الجنة وجانبيها.
قال أبو عبيد: وأنا أحسب أنه أراد ذو قرني الأمة فأضمر (3).
روي أنه أتى ذو القرنين جزيرة عظيمة، فرأى بها قوما لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف في الصخر والحجر، فسألهم على مسائل في الحكمة، فأجابوه بأحسن جواب وألطف خطاب، فقال لهم: سلوا حوائجكم لتقضى. فقالوا له:
نسألك الخلد في الدنيا. فقال: لا نقدر. فقالوا: نسألك صحة في أبداننا ما بقينا. فقال:
لا أقدر. قالوا: فعرفنا بقية أعمارنا. فقال: لا أعرف ذلك لروحي فكيف لكم. قالوا:
فدعنا نطلب ذاك ممن يقدر على ذلك وأعظم من ذلك.
وجعل الناس ينظرون إلى كثرة جنوده وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك وجعل الناس ينظرون إلى كثرة جنوده وعظمة موكبه وبينهم شيخ صعلوك لا يرفع رأسه، فقال له ذو القرنين: مالك لا تنظر إلى ما ينظر إليه الناس؟ قال الشيخ:
ما أعجبني الملك الذي رأيته قبلك حتى أنظر إليك وإلى ملكك. فقال وما ذاك؟ قال الشيخ: كان عندنا ملك وآخر صلعوك فماتا في يوم واحد، فغبت عنهما مدة، ثم جئت إليهما واجتهدت أن أعرف الملك من الصعلوك فلم أعرفه. فتركهم ذو القرنين