أحدهما لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين. والضرب الآخر يعتبر فيه اتصال الأسانيد كأخبار الشريعة، وقد اجتمع فيه الطريقان.
ومما يدل على صحته إجماع علماء الأمة على قبوله، ولا شبهة فيما ادعيناه من الإطباق، لأن الشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة، ومخالفو الشيعة أولوه على اختلاف تأويلاتهم، وما يعلم أن فرقة من فرق الأمة ردت هذا الخبر أو امتنعت من قبوله.
وأما الثاني وهو دلالة الخبر على خلافته (عليه السلام)، قلنا: في الاستدلال به على إمامته مقامان: الأول أن المولى جاء بمعنى الأول بالأمر والمتصرف المطاع في كل ما يأمر. والثاني أن المراد به هنا هو هذا المعنى.
أما الأول فكفى في ذلك ما قاله علم الهدى في الشافي: من أن من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنهم يضعون هذه اللفظة مكان " أولى " كما أنهم يستعملونها في ابن العم، وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى - ومنزلته في اللغة منزلته - في كتابه المعروف بالمجاز في القرآن لما إنتهى إلى قوله تعالى: * (مأواكم النار هي مولاكم) * أن معنى مولاكم أولى بكم، وأنشد بيت لبيد شاهدا له " فغدت " - البيت....
ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله تعالى: * (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) * أن المراد بالموالي من كان أملك بالميراث، وأولى بحيازته، وأحق به.
وقال البيضاوي والزمخشري وغيرهما من المفسرين في تفسير قوله تعالى:
* (هي مولاكم) *: هي أولى بكم....
وأما الثاني: وهو أن المراد بالمولى هنا هذا المعنى، فمعلوم من أن من عادة أهل اللسان في خطابهم إذا أوردوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم التصريح به ولغيره لم يجز أن يريدوا بالمحتمل إلا المعنى الأول، فقول