أبرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء شرها اطلاع الأرض والسماء أ فعجبتم إن قطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينظرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا تحفزه المبادرة ولا يخاف عليه فوت الثار كلا ان ربك لنا ولهم لبالمرصاد. ثم ولت عنهم، قال: فرأيت الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم ورأيت شيخا كبيرا من بني جعفي وقد أخضلت لحيته من دموع عينيه وهو يقول:
كهلوهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى ولكن ابن طاوس في الملهوف نسب هذه الخطبة مع بعض التفاوت إلى زينب بنت علي ع ونسب إلى أم كلثوم خطبة غيرها بالكوفة فقال:
وخطبت أم كلثوم بنت علي ع في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت: يا أهل الكوفة! سوءة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا، ويلكم أ تدرون أي دواه دهتكم وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها وأي كريمة أصبتموها وأي صبية أسلمتموها وأي أموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي ص ونزعت الرحمة من قلوبكم الا إن حزب الله هم المفلحون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت:
قتلتم أخي صبرا فويل لأمكم * ستجزون نارا حرها يتوقد سفكتم دماء حرم الله سفكها * وحرمها القرآن ثم محمد ألا فأبشروا بالنار إنكم غدا * لفي سقر حقا يقينا تخلدوا واني لأبكي في حياتي على أخي * على خير من بعد النبي سيولد بدمع غزير مستهل مكفكف * على الخد مني دائما ليس يجمد قال الراوي فضج الناس بالبكاء والنوح ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم. ومن أخبارها يوم الطف أنه لما أوصى الحسين ع النساء يوم كربلاء بدأ بأم كلثوم فقال: يا أختاه يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا الحديث وروى ابن طاوس في كتاب الملهوف وغيره أنه لما جلس الحسين ع يوم الطف وجون مولى أبي ذر يصلح سيفه والحسين يقول: يا دهر أف لك من خليل الأبيات جعلت أم كلثوم تنادي وا محمداه وا علياه وا أماه وا أخاه وا حسيناه وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله فعزاها الحسين ع وقال لها يا أختاه تعزي بعزاء الله فان سكان السماوات يفنون وأهل الأرض كلهم يموتون وجميع البرية يهلكون.
وروى ابن طاوس أيضا: انه لما قرب الذين معهم السبايا والرؤوس من دمشق دنت أم كلثوم من شمر وكان في جملتهم فقالت له لي إليك حاجة فقال وما حاجتك قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال. فامر في جواب سؤلها ان يجعلوا الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي انتهى.
استدرك المؤلف على الطبعة الأولى بما يلي:
إن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين ع لها ذكر في خبر وفاة أمها الزهراء ع ولا يدري أيهن هي من بناته ع اللواتي تكنى كل منهن بأم كلثوم كما مر. فقد روي أن الزهراء ع لما توفيت خرجت أم كلثوم وعليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء وهي تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا. وإن أمير المؤمنين ع لما غسل الزهراء لم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس، والظاهر أن التي حضرت وفاة أمها الزهراء هي التي حضرت وفاة أبيها أمير المؤمنين ع. روى الشيخ الطوسي في الأمالي انه لما ضرب أمير المؤمنين ع احتمل فادخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر اليهما فقال: الرفيق الأعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا. وقال المفيد: فنادت أم كلثوم عبد الرحمن بن ملجم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: إنما قتلت أباك. قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه باس قال لها فأراك إنما تبكين علي والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم الخبر. 1428:
أم كلثوم الصغرى بنت أمير المؤمنين ع زوجة عبد الله الأصغر بن عقيل هكذا وجدت في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته، وعقيل هذا ان أريد به عقيل بن أبي طالب فليس له ولد يسمى عبد الله بل له مسلم قتيل الكوفة منقرض ومحمد بن عقيل قاله في عمدة الطالب وان أريد به عقيل بن محمد بن عبد الله الأكبر بن محمد بن عقيل بن أبي طالب فابنه عبد الله الأصغر بينه وبين عقيل بن أبي طالب خمسة آباء فكيف يتزوج بأم كلثوم التي ليس بينها وبين علي أخي عقيل أحد فلذلك نظن أن الصواب زوجة عبد الله الأكبر بن محمد بن أبي طالب. 1429:
أم كلثوم الكبرى بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب زوجة عمر بن الخطاب توفيت بالمدينة في سلطنة معاوية وامارة سعيد بن العاص على المدينة وذلك قبل سنة 54.
وهي أم كلثوم الكبرى كما قلنا، فقد وجدنا في مسودة الكتاب كما ستعرف ان أم كلثوم الكبرى زوجة عون بن جعفر ومعلوم ان التي تزوجها عون هي التي كانت زوجة عمر وعليه فما في تكملة الرجال من الجزم بان زينب الصغرى المكناة أم كلثوم هي زوجة عمر في غير محله بل هي غيرها.
وفي طبقات ابن سعد الكبير: أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله ص تزوجها عمر بن الخطاب وهي جارية لم تبلغ فلم تزل عنده إلى أن قتل وولدت له زيد بن عمر ورقية بنت عمر ثم خلف على أم كلثوم بعد عمر عون بن جعفر بن أبي طالب فتوفي عنها ثم خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب فتوفي عنها فخلف عليها أخوه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بعد أختها زينب بنت علي بن أبي طالب فقالت أم كلثوم اني لأستحيي من أسماء بنت عميس ان ابنيها ماتا عندي واني لأتخوف على هذا الثالث فهلكت عنده ولم تلد لأحد منهم شيئا انتهى وروى الكليني في الكافي في باب المتوفي عنها زوجها أين تعتد باسناده عن الصادق ع ان عليا ع لما مات عمر أتي أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته وفي رواية أخرى أتى أم كلثوم فاخذها بيده فانطلق بها إلى بيته ورواهما