فأقام سنين يظهر النسك والعبادة ثم اظهر انه قد عمي ثم اظهر انه قد زمن حتى مضت سنة ثم قال لهم رأيت النبي ص في المنام فقال يطرق هذا البلد عبد صالح يكون شفاؤك على يديه فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء والصوفية وجاء الأجل الذي بينه وبين الحلاج فقدم الحلاج البلد فلبس الثياب الصوف الرقاق ودخل المسجد يصلي ويدعو فأخبروا الأعمى فقال احملوني اليه فقال له: يا عبد الله اني رأيت في المنام كيت وكيت فادع الله لي فقال ومن انا وما محلي فما زال به حتى دعا له ثم مسح يده عليه فقام المتزامن المتعامي صحيحا مبصرا فانقلب البلد على الحلاج فتركهم ومضى واقام المتعامي المتزامن عندهم شهورا ثم قال لهم عزمت على المرابطة بثغر طرسوس شكرا لما أنعم الله به علي فجعلوا يخرجون اليه الأموال هذا ألف درهم يقول اغز بها عني وهذا مائة دينار حتى اجتمع له ألوف الدراهم والدنانير فلحق بالحلاج وقاسمه عليها. وحكى أيضا عن بعض حذاق المنجمين قال: بلغني خبر الحلاج فجئته كأني مسترشد فقال لي تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به وكنا في بعض بلدان الجبل مما ليس فيه نهر فقلت أريد سمكا طريا حيا فقال ادخل البيت وأدعو الله فدخل بيتا وغلق بابه ثم جاء وقد خاض وحلا ومعه سمكة تضطرب وقال دعوت الله فأمرني ان اقصد البطائح فمضيت وخضت الأهواز فهذا الطين منها حتى أتيتك بهذه السمكة فعلمت ان هذه حيلة فقلت تدعني ادخل البيت فإن لم ينكشف لي فيه حيلة آمنت بك قال شانك فدخلت فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة فندمت وقلت إن وجدت فيه حيلة وكشفتها لم آمن ان يقتلني وان لم أجد طالبني بتصديقه وكان البيت مؤزرا بساج فرفعت تازيره فإذا باب فدخلت منه إلى دار كبير فيها بستان عظيم فيه صنوف الأشجار والثمار والريحان والأنوار مما هو في وقته وفي غير وقته مما قد غطي وعتق واحتيل في بقائه والخزائن مفتوحة فيها أنواع الأطعمة وفي الدار بركة مملوءة سمكا فخضتها واصطدت سمكة كبيرة وخرجت والوحل والماء على رجلي فلما رجعت إلى البيت جعلت أقول آمنت وصدقت فقال ما لك قلت ما ههنا حيلة قال اخرج ففتحت الباب وخرجت أعد وأطلب باب الدار والسمكة معي فضربت بالسمكة وجهه فاشتغل بذلك وخرجت فخرج إلي وضاحكني وقال ادخل قلت هيهات لئن دخلت لا تتركني أخرج ابدا فقال لئن شئت قتلك على فراشك فعلت ولئن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك ولو كنت في تخوم الأرض فما حكيتها إلى أن قتل. ثم حكى انه لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها والدراهم التي سماها دراهم القدرة قال أبو علي الجبائي هذه الأشياء محفوظة في منازل يمكن الحيل فيها ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم وكلفوه ان يخرج منه جزرتين شوكا فان فعل فصدقوه فبلغ الحلاج قوله فخرج عن الأهواز انتهى وفي الفخري بعد ذكر ما مر عنه: فشغف الناس به وتكلم بكلام الصوفية وكان يخالطه بما لا يجوز ذكره من الحلول المحض وكثر شغف الناس به حتى كانت العامة تستشفي ببوله وكان يقول لأصحابه أنتم موسى وعيسى ومحمد وآدم انتقلت أرواحهم إليكم فلما نمى هذا الفساد منه تقدم المقتدر إلى وزيره حامد بن العباس باحضاره ومناظرته فأحضره وجمع له القضاة والأئمة ونوظر فاعترف بأشياء أوجبت قتله فضرب ألف سوط على أن يموت فما مات فقطعت يداه ورجلاه وحز رأسه وأحرقت جثته وذلك في سنة 309 انتهى.
أما خبر المترجم مع الحلاج فقد ذكره جماعة وحاصله انه أراد ان يمخرق على المترجم لما علم من مكانته عند الشيعة وقدر انه إذا تم له ذلك يتبعه خلق كثير فلم تنطل مخرقته عليه لأنه كان عالما حاذقا بصيرا ففي تاريخ بغداد للخطيب: أخبرنا علي بن أبي علي عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ان الحسين بن منصور الحلاج لما قدم بغداد يدعو استغوى كثيرا من الناس والرؤساء وكان طمعه في الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم، فراسل أبا سهل بن نوبخت يستغو به، وكان أبو سهل من بينهم مثقفا فهما فطنا فقال أبو سهل لرسوله:
هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل ولكن انا رجل غزل ولا لذة لي أكبر من النساء وخلوتي بهن وانا مبتلى بالصلع حتى أني أطول قحفي وآخذ به إلى جبيني وأشده بالعمامة وأحتال فيه بحيل ومبتلى بالخضاب لستر المشيب فان جعل لي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما يدعوني اليه كائنا ما كان ان شاء قلت إنه باب الامام وان شاء الامام وان شاء قلت إنه النبي وان شاء قلت إنه الله. فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه وكف عنه. قال أبو الحسن: وكان الحلاج يدعو كل قوم إلى شئ من هذه الأشياء التي ذكرها أبو سهل على حسب ما يستبله طائفة طائفة انتهى.
تلاميذه في كتاب خاندان نوبختي: له عدة تلاميذ في الكلام والأدب نشروا عقائده وآراءه بعده بين الامامية وطلبة العلم والأدب المذكور في كتب التاريخ والأدب أسماء ستة منهم: 1 ولده علي بن إسماعيل 2 أبو الحسين علي بن عبد الله بن وصيف الناشي الأصغر المتكلم الشاعر المعروف كان في الكلام تلميذ أبي سهل إسماعيل النوبختي أقول ونص عليه ابن خلكان كما مر 3 أبو الجيش المظفر بن محمد بن أحمد البلخي شيخ المفيد أقول عن كتاب الشيخ علي بن يونس العاملي النباطي في الإمامة المسمى بالصراط المستقيم أنه قال: الشيخ الطوسي اخذ عن السيد الاجل علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين عن الشيخ أبي عبد الله المفيد واخذ المفيد عن أبي الجيش المظفر بن محمد البلخي وهو اخذ عن شيخ المتكلمين أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي حال الحسن بن موسى وهو لقي البحر الزاخر أبا محمد الحسن العسكري ع انتهى ولقاؤه العسكري ع غير مستبعد لان عمره يوم وفاة العسكري نحو 23 سنة لان العسكري ع توفي سنة 260 وهو ولد سنة 237 ولكن لم يذكره النجاشي والشيخ من أصحابه 4 أبو الحسن محمد بن بشر السوسنجردي 5 أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي الكاتب 6 أبو بكر محمد بن يحيى الصولي الكاتب الأديب المشهور قال: وأكابر متكلمي الإمامية في القرن الرابع والخامس مثل الشيخ المفيد والنجاشي والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وغيرهم بواسطة واحدة أو واسطتين تلاميذ أبي سهل إسماعيل النوبختي انتهى.
مؤلفاته له مؤلفات عديدة وكثير منها في تأييد مذهب الإمامية ورد اعتراضات المخالفين لهم وبيان المسائل الكلامية وكتبه من أهم المراجع لعظماء علمائهم ومتكلميهم وأقواله في علم الكلام تؤخذ شاهدا ومؤيدا لأقوالهم ونحن ننقل أسماء مؤلفاته من مجموع ما ذكره ابن النديم والشيخ في الفهرست