وأملي والله تعالى ذكره يبسط بالعدل يده ويعلي بالحق كلمته ويديم على الخير قدرته بكرمه وجوده وابتدأت بذكر القصيدتين لأنهما سبب تصنيفي هذا الكتاب وعلى الله التوفيق.
قال الصاحب الجليل إسماعيل بن عباد أطال الله بقاءه وأدام دولته ونعماءه وسلطانه وعدله في إهداء السلام إلى الرضا ع:
يا زائرا قاصدا إلى طوس * مشهر طهر وأرض تقديس وذكر القصيدة بتمامها ثم قال وله أيضا أدام الله تأييده في إهداء السلام إلى الرضا ع:
يا زائرا قد نهضا * مبتدرا قد ركضا وأورد القصيدة بتمامها ويأتي ذكرهما انش عند ذكر أشعاره ثم أورد أحاديث في فضل قول الشعر فيهم ع منها ما عن الرضا ع ما قال مؤمن فينا شعرا يمدحنا الخبر فأجزل الله للصاحب الجليل الثواب على جميع أقواله الحسنة وأفعاله الجميلة وأخلاقه الكريمة وسيره المرضية وسنته العادلة وبلغه كل مأمول وصرف عنه كل محذور وأظفره بكل خير مطلوب وأجاره من كل بلاء ومكروه بمن استجار به من حججه الأئمة ع بقوله بعض أشعاره فيهم:
ان ابن عباد استجار * بمن يترك عنه الصروف مصروفه وقوله في قصيدة أخرى:
ان ابن عباد استجار بكم * فكلما خافه سيكفاه وجعل شفعاءه الذين أسماؤهم على نقش خاتمه:
شفيع إسماعيل في الآخرة * محمد والعترة الطاهرة وجعل دولته متسعة الأيام متصلة النظام مقرونة بالدوام ممتدة إلى التمام مؤبدة له إلى سعادة الأبد وباقية له إلى غاية الأمد بمنه وفضله انتهى.
وفي لسان الميزان: قال ابن أبي طي: كان الصاحب امامي المذهب وأخطأ من زعم أنه كان معتزليا وقد قال عبد الجبار لما تقدم للصلاة عليه:
ما أدري كيف أصلي على هذا الرافضي. وإن كانت هذه الكلمة وضعت من قدر عبد الجبار لكونه كان غرس نعمة الصاحب قال وشهد الشيخ المفيد بان الكتاب الذي نسب إلى الصاحب في الاعتزال وضع على لسانه ونسب اليه وليس هو له انتهى وبذلك يظهر النظر فيما سيأتي من أن المفيد نسبه إلى جانب الاعتزال وعن المختار من ديوان رسائل الصاحب أنه كتب إلى الشريف أبي طالب رسالة جاء فيها: فاني له ومنه ومختلط بالولاء معه وقد قال الصادق ع نحن الأعلون وشيعتنا العلويون وقبله ما روي مولى القوم منهم انتهى ويأتي في أشعاره من التصريح بذلك ما لا يقبل التأويل. وفي معاهد التنصيص كان شيعيا جلدا كال بويه معتزليا انتهى وقوله معتزليا لا ينافي التشيع لأن المراد موفقة المعتزلة في بعض العقائد المعروفة التي تشاركهم فيها الشيعة.
ما أوجب الريب في تشيعه وهو أمور 1 قول ياقوت وابن خلكان عن كتابه في الإمامة أنه في تفضيل علي ع وتثبيت أو تصحيح إمامة من تقدمه فإنه وإن دل على تشيعه بالمعنى الأعم إلا أنه يدل على أنه ليس إماميا 2 ما نسب إليه من أنه معتزلي حتى شاع ذلك في الناس بحيث أنه مخدومه فخر الدولة قال له بلغني أنك تقول الدين الاعتزال كما مر وعن السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب اليقين إنه نقل بعض الروايات عن كتاب الأنوار للصاحب مع التزامه في كتاب اليقين أن لا ينقل إلا روايات أهل السنة إلا إنه اعتذر عن النقل عنه بان الصاحب وإن كان يظهر من تصانيفه ما يقتضي موافقته للشيعة في الاعتقاد إلا أن الشيخ المفيد والسيد المرتضى نسباه إلى جانب الاعتزال. وعنه في كتاب اليقين المذكور أنه قال إن الشريف المرتضى رد في كتابه الإنصاف على الوزير الصاحب إسماعيل بن عباد في تعصبه للجاحظ ونسب الشريف الصاحب إلى جانب الاعتزال. وعنه في كتاب فرج الهموم أنه عده من المعتزلة ويظهر ذلك من رسالته المسماة بالإبانة فان ظاهره فيها إنكار النص على أمير المؤمنين ع مع قوله بأفضليته وهذا مذهب جماعة من المعتزلة. ففي مستدركات الوسائل بعد ما ذكر أن رسائله في أحوال عبد العظيم الحسني تدل على إماميته قال إلا أنه مع ذلك وقع إلينا منه رسالة الإبانة في مذهب العدلية قال في أواخرها وزعمت العثمانية وطوائف الناصبية أن أمير المؤمنين ع مفضول في أصحاب رسول الله ص غير فاضل واستدلت بان الشيخين وليا عليه وقالت الشيعة العدلية ثم ذكر ما يقتضي أفضليته ع ثم قال وذهبت طائفة من الشيعة أن عليا ع كان في تقية فلذلك ترك الدعوة إلى نفسه وزعمت أن عليه نصا جليا لا يحتمل التأويل وقالت العدلية هذا فاسد كيف تكون عليه التقية في إقامة الحق وهو سيد بني هاشم وهذا سعد بن عبادة نابذ المهاجرين وفارق الأنصار ولم يخش مانعا ودافعا وخرج إلى حوران ولم يبايع ولو جاز خفاء النص الجلي على الإمامة وهي أغلى الأمور لجاز أن ينكتم صلاة سادسة وشهر يصام فيه غير شهر رمضان فرضا وكلما أجمع عليه الأمة من أمر الأئمة الذين قاموا بالحق وحكموا بالعدل صواب انتهى قال وهذا صريح في مذهب الاعتزال ومن هنا عده السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب فرج الهموم من المعتزلة انتهى المستدركات. ويحكى عن الصلاح الصفدي أنه قال: ومن المعتزلة الصاحب بن عباد الزمخشري والفراء النحوي انتهى وفي لسان الميزان أنه كان مشتهرا بمذهب المعتزلة داعية إليه وكان مع اعتزاله شافعي المذهب شيعي النحلة ثم حكى عن أبي حيان التوحيدي في كتاب الامتاع أنه قال كان يتشيع بمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية قال وهذا ينافي أنه كان شافعيا انتهى ومر عن اليافعي نسبته إلى الاعتزال والتشيع 3 قول أبي حيان التوحيدي كما مر أن الغالب عليه كلام المتكلمين المعتزلة وأنه يتشيع بمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية وأنه يدين بالوعيد فإنه يدل على أنه زيدي معتزلي في الأصول حنفي في الفروع 4 استحضاره القاضي عبد الجبار من رؤساء المعتزلة في عصره معه من بغداد إلى الري وجعله قاضي القضاة هذا كل ما يمكن أن يتشبث به لنفي إماميته.
والصحيح الذي لا ريب فيه ما قدمناه من أنه شيعي إثنا عشري لا معتزلي ولا حنفي ولا زيدي والجواب عن الأمور المذكورة اما ما حكي عن كتابه في الإمامة فهو معارض بشعره الدال صريحا على انكار إمامة من تقدم على علي ع وحصر الإمامة فيه وفي أولاده الأحد عشر وسيأتي وكلامه الآتي في وصف علي أمير المؤمنين ع وحينئذ فما حكي عن كتاب الإمامة له وجه غير ما يظهر منه من مداراة ونحوها أو أنه رجع عنه وأما نسبة الاعتزال اليه فهي إما اشتباه أو المراد به موافقة المعتزلة في بعض الأصول المعروفة وبهذا المعنى وقعت نسبة الاعتزال إلى جماعة من أجلاء