ورث الوزارة البيتين السابقين. قال ومدحه خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين وممن كان ببابه قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الأسدآبادي وكان قد فوض إليه قضاء همذان والجبال انتهى.
وفي لسان الميزان: إسماعيل بن عباد بن عباس الصاحب أبو القاسم الطالقاني المشهور بالفضائل والمكارم والآداب. وكان صدوقا إلا أنه كان مشتهرا بمذهب المعتزلة داعية إليه. وهو أول من سمي من الوزراء بالصاحب ويقال إنه نال من البخاري وقال: كان حشويا لا يعول عليه وكان يبغض من يميل إلى الفلسفة ولذلك أقصى أبا حيان التوحيدي فحمله ذلك على أن جمع مصنفا في مثالبه أكثره مختلق. قال وذكره الرافعي في كتاب التدوين في علماء قزوين فقال: هو أشهر من أن يحتاج إلى وصفه جاها ورتبة وفضلا ودراية وكتبه ورسائله ومناظراته دالة على قدره ولولا أن بدعة الاعتزال وشنعة التشيع شنعت أوجه فضله وغلوه فيهما حطه من علوه لقل من يكافيه من الكبار أو الفضلاء وكان يناظر ويدرس ويصنف ويملي الحديث انتهى وفي كتاب محاسن أصفهان لمحمد بن سعد المافروخي:
كان والله الفاضل المميز والكامل المبرز ثالث الثلاثة الذين نافس عضد الدولة فيهم أخاه مؤيد الدولة وحسده عليهم وهو أن العضد كان كثيرا ما يقول قولا معناه: قد حبيت بغايات الأماني وأوتيت أقاصي المباغي فلا احسد ملكا من الملوك على شئ غير أخي على أبي القاسم الثلاثة أبي القاسم إسماعيل بن عباد وأبي القاسم فضل بن سهل وأبي القاسم بن جعفر القاضي المعروف باليزدي وكان كل واحد منهم في فنه نسيج وحده وقريع زمانه منيفا على أهل صناعته وأقرانه وقول البحتري:
ثلاثة جلة إن شووروا * نصحوا أو استعينوا كفوا أو سلطوا عدلوا يوهم أنه لم يمدح به غيرهم انتهى وفي نزهة الألباء: وأما الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد فإنه كان غزير الفضل متفننا في العلوم أخذ عن أبي الحسين بن فارس وأبي الفضل بن العميد ثم قال: وكان الصاحب صاحب بلاغة وفصاحة سمح القريحة انتهى.
وقال اليافعي في مرآة الزمان: أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني كان نادرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائله ومكارمه ثم قال بعد ذكر طرف من أخباره: وأخبار الصاحب بن عباد كثيرة وفضائله بين أهل هذا الفن شهيرة فاقتصرت منها على هذه النبذة اليسيرة انتهى.
وفي شذرات الذهب: أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني وزير مؤيد الدولة أبي منصور بن بويه وفخر الدولة وصحب أبا الفضل الوزير ابن العميد وأخذ عنه الأدب والشعر والترسل وبصحبته لقب بالصاحب وكان من رجال الدهر حزما وعزما وسؤددا ونبلا وسخاء وحشمة وإفضالا وعدلا انتهى وعن المولى محمد تقي المجلسي أنه ذكره في حواشي نقد الرجال ووصفه بكونه من أفقه فقهاء أصحابنا المتقدمين والمتأخرين وأن كلما يذكر من العلم والفضل فهو فوقه وفي مقام آخر: بكونه رئيس المحدثين والمتكلمين علامة وعن ولده المولى محمد باقر أنه قال في مقدمات بحاره والخليل أي الخليل بن أحمد النحوي والصاحب وهذان الرجلان كانا من الامامية وهما علمان في اللغة والعروض والعربية انتهى. وذكره القاضي نور الله في مجالس المؤمنين فقال ما ترجمته: صاحب الدولة الذي خلعة نسبه العالي مطرزة بطراز الفضائل والمعالي وطبعه الوقاد يقتطف في رياض العلوم من أزهار الأصول والفروع ولرأيه المصيب في تدبير الأمور قصب السبق على أمثاله وأقرانه وله اليد البيضاء في نظم مصالح الجمهور بفكره الثاقب لا جرم إن أعطيت بكف كفايته ضمانة الأمور العظام وجعلت في قبضته أعنة الحل والعقد وأزمة البسط والقبض لمصالح العباد انتهى. وذكره الطريحي في مجمع البحرين فقال: جمع بين الشعر والكتابة وفاق فيهما أقرانه، وقال الفاضل الجلبي في حاشية المطول جمع بين الشعر والكتابة وقد فاق فيهما أقرانه إلا أنه فاق عليه الصابي في الكتابة. وفي أمل الآمل: الصاحب الكافي الجليل أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن عباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني عالم فاضل ماهر شاعر أديب محقق متكلم عظيم الشأن جليل القدر في العلم والأدب والدين والدنيا ولاجله ألف ابن بابويه عيون الأخبار وألف الثعالبي يتيمة الدهر في ذكر أحواله وأحوال شعرائه وكان شيعيا إماميا أعجميا إلا أنه يفضل العرب على الفرس وبعض العامة يتهمه بالاعتزال وهو برئ منه بعيد عنه انتهى والصواب أن قسما كبيرا من اليتيمة فيه وفي شعرائه لا كلها. وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء عند ذكر شعراء أهل البيت المجاهرين: الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد الأصفهاني وزير فخر الدولة شهنشاه متكلم شاعر نحوي وقد مدحه الرضي مكاتبة ثم رثاه انتهى. وقال عبد الرحمن بن محمد الأنباري في نزهة الألباء في طبقات الأدباء كان الصاحب غزير الفضل متفننا في العلوم انتهى.
وبالجملة فالصاحب علم من أعلام القرن الرابع جمع بين الوزارة والكتابة والسيف والقلم وكان صدرا في العلم والأدب وغاية في الكرم وجلالة القدر وفردا في الرياسة وكثرة الفضائل.
محافظته على الاجتماع بالعلماء من أخباره الدالة على علو همته ومحافظته على الاجتماع باهل العلم والفضل والاستفادة منهم ما ذكره صاحب شذرات الذهب وغيره أن أبا أحمد العسكري الحسن بن عبد الله بن سعيد المنسوب إلى عسكر مكرم مدينة من كور الأهواز المتوفى سنة 382 كان أديبا أخباريا علامة صاحب تصانيف مفيدة ككتاب التصحيف والمختلف والمؤتلف وعلم المنطق والحكم والأمثال والزواجر وغيرها وله رواية متسعة وكان الصاحب بن عباد يود الاجتماع به ولا يجد اليه سبيلا فقال لمخدومه مؤيد الدولة بن بويه أن عسكر مكرم قد اختلت أحوالها واحتاج إلى كشفها بنفسي فاذن له في ذلك فلما أتاها توقع أن يزوره أبو أحمد المذكور فلم يزره فكتب الصاحب اليه:
لما أبيتم أن تزوروا وقلتم * ضعفنا فلم نقدر على الوخدان أتيناكم من بعد أرض نزوركم * وكم منزل بكر لنا وعوان نسائلكم هل من قرى لنزيلكم * بملء ء جفون لا بملء ء جفان وكتب مع هذه الأبيات شيئا من النثر فجاوبه أبو أحمد عن النثر بنثر مثله وعن هذه الأبيات بالبيت المشهور:
أهم بأمر الحزم لو استطيعه * وقد حيل بين العير والنزوان فلما وقف الصاحب على الجواب عجب من اتفا هذا البيت له وقال والله لو علمت أنه يقع له هذا البيت ما كتبت له على هذا الروي انتهى.