على حقيقته تسامحا وتعاطفا لا تعصبا ذميما وجمودا وكزازة.
وقد أخطأ الأستاذ هندية في ادراك حقيقة ما اراده في البيتين الذين استشهد الأستاذ هندية بهما وزعم أن التناحرات الدينية التي يؤجج نارها الاستعمار قد أدت به إلى أن يهجو المذهب السني وأهله:
يا قطع الله من أبناء آكلة الأكباد ألسنة سبوا بهن علي تالله ما شتموا غير النبي وما * أذكوا القلوب لغير الله بالدغل فالألسنة التي سبت علي بن أبي طالب ليست ألسنة المذهب السني وأهله، والمذهب السني ينكر على من يسبون عليا مثل ما ينكره التقي.
والذين سبوا عليا وقصدهم التقي معروفون وقد عينهم هو حين قال: أبناء آكلة الأكباد، ولا أدري كيف انزلق قلم الأستاذ هندية هذا الانزلاق.
وأديب التقي أكرم وأنبل من أن يهجو دينا أو مذهبا وان يهجو أهل ذاك الدين أو المذهب.
وكذلك قوله: وتفتر هذه النعرة الدينية عنده نسبيا بعد عودته من الأردن. فاديب التقي لم يكن ممن تغيرهم الاحداث والأزمان، فنحن الذين تتلمذنا عليه وخالطناه طيلة حياته عرفناه مسلما غيورا على الاسلام وعقائده متسامحا سهلا لا يكره أحدا لدين ومذهب وظل كذلك منذ عرفناه حتى افتقدناه لم يتغير ولم يتبدل. اما عن أخلاقه فكما قال الأستاذ هندية:
كان يجنح في طبعه إلى الجد جلودا على العمل، صبورا على المكاره، يؤثر الفكاهة الأدبية الرفيعة ذات المغزى النبيل، محافظا على ما تحدر من الأجداد.
ويمكن ان نضيف إلى ذلك أنه كان صارما في مثاليته الأخلاقية جهورا بالحق صادقا كل الصدق لا يداجي ولا يحابي ولا ينحرف قيد شعره عن الطريق القويم والصراط المستقيم. كان تلميذا من تلاميذ مدرسة علي بن أبي طالب وخريجا من أنجب خريجيها، ومن هنا كان اكباره لعلي وحبه له ذاك الحب.
مؤلفاته المطبوعة 1 التاريخ العام 2 مناهج التربية والتعليم 3 الطرف، شارك في تأليفه مع آخرين 4 الشريف الرضي 5 سير التاريخ الاسلامي 6 سير العظماء 7 نهضة اليابان السياسية 8 مصطفى كمال في الأناضول 9 غرائب العادات 10 المسيح الهندي.
اما مؤلفاته غير المطبوعة فهي:
11 تاريخ العصر الحاضر 12 تاريخ العهد النبوي والخلفاء الراشدين 13 بسمارك والاتحاد الألماني 14 الجغرافية الاقتصادية 15 تاريخ الختان ومحسناته 16 سير العظماء الجزء الثاني 17 شعر الخيام وفلسفته 18 تعريب رواية الوجيه المتحضر لموليير 19 الرحلة العسكرية إلى فروق والحدود القفقاسية 20 المسائل الحسابية النظرية 21 المعادلات الجبرية 22 المسائل الرياضية 23 مائتا مسالة في الحساب النظري والجبر والمثلثات والميكانيك والفيزيك 24 جواهر المعادن أو كشكول العصر العشرين 25 محكم الصياغة في الفصاحة والبلاغة.
مناحي شعره قال الأستاذ محمد هندية في رسالته:
يمثل التقي في شعره أصدق تمثيل الشعراء الذين عاشوا في فترة الانتقال، بين عصور الانحطاط ومشارف النهضة الحديثة، فلقد تناول الفنون الشعرية المعروفة في عصر ذلك الانحطاط من غزل يغلب عليه الجانب العقلاني، إلى صنع شعر في تواريخ الوفاة، وغير ذلك من تشطير وتخميس ورسائل اخوانية. كما تناول بشعره أيضا حركة القومية العربية، فمدح ابطالها وأشاد بالعرب وبعنصرهم النبيل، كما رثى الفئة المجاهدة التي استشهدت في ميادين الشرف، وعرض على شكل هجاء اجتماعي بأمته عندما قصرت عن ادراك مرادها لظروف قاهرة، كما ارسل شعرا رقيقا في الحكم وشكوى الزمان... وأرسل أشعارا في الحنين إلى وطنه، وقال في وصف طبيعة بلاده الساحرة، كما أنه افتخر بفضائل نفسه.
وهكذا يكون التقي قد أسهم في أكثر فنون الشعر العربي.
شعره قال:
ان يتخذ من مهجتي هدفا * زمن يسدد سهمه نحوي فانا الذي لم يلو جانبه * لكوارث الدهر التي تلوي لم تستبح صبري قوارعه * يوما ولم ينقصن من زهوي ويمر أو يحلو فاعرض لم * احفل بمر منه أو حلو نفسي كما قد كان يعرفها * نفسي وشاوي للعلى شاوي ضل الطريق فتى يلين له * فليحذ من طلب الهدى حذوي وقال يودع دمشق لما طلب للتجنيد في الحرب العالمية الأولى إلى إسطنبول من قصيدة:
شذاك أم المسك الفتيت يضوع * له بيننا انى نحل سطوع أجلق هل للعيش فيك، ودوننا * وهاد النوى، عود بنا ورجوع أحن إلى عيشي لديك وانما * يحن إلى الأم الرءوم رضيع تنكرت الأيام فيك وفرقت * بها ندوات بعدنا وجموع فيا ليت شعري والزمان مفرق * أيرجع فينا الشمل وهو جميع وقال بعنوان ذكريات القفقاس وهي من خواطر الحرب العامة الأولى:
هي الخيل تضويها الربى والبسابس * ضوابح تنزو بالشكيم عوابس على قنن القفقاس شعثا كأنها * بمفرقها حين استدارت قلانس تريك شكول الموت حمرا حجولها * إذا صبغت بالطعن منها القوانس من الفيلق الجرار كاليم زاخرا * تدفع كالأمواج فيه الفوارس؟
سروا والبنود الحمر فوق رؤوسهم * خوافق تحميها الكماة الأشاوس اسود تلاقي الموت وهي بواسم * ووجه الردى في الروع اسود عابس ورب فجاج لا حبات إذا بدا * لها الصبح ردت وهي بيد طوامس مضائق سدت بالجبال فروجها * سبائخ من ندف السما وكبائس كان ركام الثلج بحر بها طما * كان الذرى فيه سفين قوامس كان الضياع المقفرات جزائر * أحاط بها بحر من الثلج قالس