ان البساسيري خلع الطاعة وكاتب الأعداء يعني المصريين ويطلب منه ابعاد البساسيري فسار البساسيري إلى بلد نور الدولة دبيس لمصاهرة بينهما واصعد الملك الرحيم إلى بغداد وارسل طغرل إلى الخليفة يظهر الطاعة والعبودية وإلى الأتراك البغدادية يعدهم الجميل فأنكر الأتراك ذلك وأرسلوا إلى الخليفة اننا فعلنا بالبساسيري ما فعلنا وهو كبيرنا ومقدمنا بتقديم أمير المؤمنين ووعدنا بابعاد هذا الخصم ونراه قد قرب منا فغولطوا في الجواب وكان رئيس الرؤساء يؤثر مجيئه ويختار انقراض الدول الديلمية وارسل طغرل يستأذن الخليفة في دخول بغداد فاذن له وخرج الوزير رئيس الرؤساء إلى لقائه في موكب عظيم فأبلغه رسالة الخليفة واستحلفه للخليفة وللملك الرحيم ثم قبض على الملك الرحيم وأصحابه ونهب بغداد فأرسل الخليفة اليه ينكر ذلك فاطلق بعضهم واخذ جميع اقطاعات عسكر الرحيم وأمرهم بالسعي في ارزاق يحصلونها لأنفسهم فتوجه كثير منهم إلى البساسيري ولزموه فكثر جمعه ونفق سوقه وارسل طغرل إلى نور الدولة دبيس يأمره بابعاد البساسيري عنه ففعل فسار إلى رحبة مالك بالشام وكاتب المستنصر صاحب مصر بالدخول في طاعته. وفي سنة 448 سلخ شوال كانت وقعة بين البساسيري ومعه نور الدولة دبيس بن مزيد وبين قريش بن بدران صاحب الموصل ومعه قتلمس ابن عم السلطان طغرل وغيره كانت الغلبة فيها للبساسيري ودبيس وجرح قريش بن بدران وأتى إلى نور الدولة جريحا فأعطاه خلعة كانت قد نفذت من مصر فلبسها وصار في جملتهم وساروا إلى الموصل وخطبوا لخليفة مصر بها المستنصر وكانوا قد كاتبوه فأرسل إليهم الخلع للبساسيري ولنور الدولة وغيرهما ثم سار طغرل إلى الموصل فراسل نور الدولة وقريش هزارسب ان يتوسط لهما عنده فقال قد عفوت عنهما واما البساسيري فذنبه إلى الخليفة ونحن متبعون امر الخليفة فيه فرحل البساسيري عند ذلك إلى الرحبة وتبعه الأتراك البغداديون وجماعة ووصل إبراهيم ينال أخو طغرل اليه فأرسل هزارسب إلى نور الدولة بن مزيد وقريش يعرفهما وصوله ويحذرهما منه فسارا من جبل سنجار إلى الرحبة فلم يلتفت البساسيري اليهما فانحدر نور الدولة إلى بلده واقام قريش عند البساسيري بالرحبة وسلم طغرل الموصل إلى أخيه إبراهيم ينال وعاد إلى بغداد. وفي سنة 450 فارق إبراهيم ينال الموصل فنسب السلطان طغرلبك رحيله إلى العصيان ولما فارق إبراهيم الموصل قصدها البساسيري وقريش بن بدران وحاصراها فملكا البلد ليومه وبقيت القلعة وبها الخازن وأردم وجماعة من العسكر فحاصرها أربعة أشهر حتى اكل من فيها دوابهم فخاطب ابن موسك صاحب اربل قريشا حتى امنهم فخرجوا فهدم البساسيري القلعة وعفى اثرها وكان السلطان طغرلبك حين بلغه الخبر سار جريدة في ألف فارس إلى الموصل فلم يجد بها أحدا كان قريش والبساسيري قد فارقاها فسار إلى نصيبين ليتتبع آثارهم ويخرجهم من البلاد ففارقه اخوه إبراهيم ينال وسار نحو همذان فوصلها 26 رمضان سنة 450 وقيل إن المصريين كاتبوه والبساسيري استماله وأطعمه في السلطنة فلما عاد إلى همذان سار طغرك في اثره. وارسل الخليفة إلى نور الدولة دبيس بن مزيد يأمره بالوصول إلى بغداد فوردها في مائة فارس وقوي الارجاف بوصول البساسيري فلما تحقق الخليفة وصوله إلى هيت امر الناس بالعبور من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأرسل دبيس بن مزيد إلى الخليفة ووزيره رئيس الرؤساء يقول:
الرأي عندي خروجكما من البلد فاني اجتمع انا وهزارسب فإنه بواسط على دفع عدوكما فطلبا ان يقيم حتى ينظروا في ذلك فقال: العرب لا تطيعني على المقام وانا أتقدم إلى ديالى فإذا انحدرتم سرت في خدمتكم واقام بديالى ينتظرهما فلم يحضرا فسار إلى بلاده ووصل البساسيري إلى بغداد يوم الأحد 8 ذي القعدة ومعه 400 غلام على غاية الضر والفقر ومعه أبو الحسن بن عبد الرحيم الوزير فنزل البساسيري بمشرعة الروايا ونزل قريش بن بدران وهو في 200 فارس عند مشرعة باب البصرة وركب عميد العراق ومعه العسكر والعوام وأقاموا بإزاء عسكر البساسيري وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي صاحب مصر وامر فاذن بحي على خير العمل وعقد الجسر وعبر عسكره إلى الزاهر وخيموا فيه وخطب في الجمعة من وصوله بجامع الرصافة للمصري وجرت بين الطائفتين حروب في أثناء الأسبوع وكان عميد العراق يشير على رئيس الرؤساء بالتوقف عن المناجزة ويرى المحاجزة ومطاولة الأيام انتظارا لما يكون من السلطان طغرلبك ولما يراه من المصلحة بسبب ميل العامة إلى البساسيري اما الشيعة فللمذهب وأما السنية فلما فعل بهم الأتراك عسكر طغرل من العسف والظلم والنهب واخراجهم من منازلهم ونزولهم فيها وكان رئيس الرؤساء لقلة معرفته بالحرب ولما عنده من البساسيري يرى المبادرة إلى الحرب فاتفق في بعض الأيام ان حضر القاضي الهمذاني عند رئيس الرؤساء واستأذنه في الحرب وضمن له قتل البساسيري فاذن له من غير علم عميد العراق فخرج ومعه الخدم والهاشميون والعجم والعوام إلى الحلبة وأبعدوا والبساسيري بستجرهم ثم حمل عليهم فعادوا منهزمين وقتل منهم جماعة ومات في الزحمة جماعة من الأعيان ونهب باب الازج وكان رئيس الرؤساء واقفا دون الباب فدخل الدار وهرب كل من في الحريم ولما بلغ عميد العراق فعل رئيس الرؤساء لطم على وجهه كيف استبد برأيه ولا معرفة له بالحرب ورجع البساسيري إلى معسكره واستدعى الخليفة عميد العراق وأمره بالقتال على سور الحريم فلم يرعهم الا الزعقات وقد نهب الحريم وقد دخلوا بباب النوبي فركب الخليفة لابسا للسواد وعلى كتفه البردة وبيده سيف وعلى رأسه اللواء وحوله زمرة من العباسيين والخدم بالسيوف المسلولة فرأى النهب قد وصل إلى باب الفردوس من داره فرجع إلى ورائه ومضى نحو عميد العراق فوجده قد استأمن إلى قريش فعاد وصعد المنظرة وصاح رئيس الرؤساء يا علم الدين يعني قريشا أمير المؤمنين يستدنيك فدنا منه فقال له رئيس الرؤساء أمير المؤمنين يستذم منك على نفسه وأهله وأصحابه بذمام الله وذمام رسول ص وذمام العربية فقال قد أذم الله تعالى له قال ولي ولمن معه قال نعم وخلع قلنسوته فأعطاها الخليفة وأعطى مخصرته رئيس الرؤساء ذماما فنزلا اليه وصارا معه فأرسل اليه البساسيري أتخالف ما استقر بيننا وتنقض ما تعاهدنا عليه فقال قريش لا وكانا قد تعاهدا على المشاركة فيما يملكانه من البلاد وان لا يستبد أحدهما دون الآخر بشئ فاتفقا على أن يسلم قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيري لأنه عدوه ويترك الخليفة عنده فأرسل قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيري فلما رآه قال مرحبا بمهلك الدول ومخرب البلاد فقال العفو عند المقدرة فقال البساسيري فقد قدرت فما عفوت وأنت تاجر صاحب طيلسان وركبت الافعال الشنيعة مع حرمي وأطفالي فكيف اعفو أنا وانا صاحب سيف وقد اخذت أموالي وعاقبت أصحابي ودرست دوري وسببتني وأبعدتني، ونهبت دار الخلافة وحريمها أياما وسلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارش فحمله إلى حديثه عانة وركب البساسيري يوم عيد النحر وعبر إلى المصلى بالجانب الشرقي وعلى رأسه الألوية المصرية فأحسن إلى الناس وأجرى الجرايات على المتفقهة ولم