فيه فقال: اني لأمير المؤمنين كما قال الشاعر:
كفى ثمنا لما أسديت اني * صدقتك في الصديق وفي عداتي فاعجب المأمون كلامه وزاد الطبري واسترجع عقله. وفي الفخري فقال: اني لأمير المؤمنين كما قال الشاعر:
كفى ثمنا لما أسديت اني * صدقتك في الصديق وفي عدائي و اني حين تندبني لامر * يكون هواك أغلب من هوائي قال: حدثني الحسين بن فهم، قال سمعت يحيى بن أكثم يقول حضر أحمد بن يوسف المأمون، وبين يديه ابن له ينشد شعرا، فقال:
كيف تراه؟ فقال: أراه فطنا ذكيا، أديب اللفظ واللحظ، لا يعبأ ان يؤديه بما يريد، في كل عضو منه قلب يقد فاخذ باخر كلامه أبو تمام فقال:
ترى صلا يخال بكل عضو * به من شدة الحركات قلبا أخباره مع أبي العتاهية في كتاب الأوراق: كانت لأحمد بن يوسف مع أبي العتاهية اخبار:
كتب أبو العتاهية إلى أحمد بن يوسف:
أطع الله بجهدك * ابدا أو دون جهدك اعط مولاك كما * تطلب من طاعة عبدك فلما قرأ أحمد البيتين قال: هذا أبلغ كلام. قال موسى بن عبد الملك: وكتب أبو العتاهية إلى أحمد بن يوسف:
أبا جعفر ان الشريف يشينه * تتايهه يوما على الأخ بالوفر فان تهت فينا بالذي نلت من غنى * فان غناي في التجمل والصبر أ لم تر ان الفقر يرجى له الغنى * وان الغنى يخشى عليه من الفقر قال موسى بن عبد الملك فقلت لا تتعرض له وأسكته عنك فوجه اليه بخمسة آلاف درهم قال علي بن إبراهيم فأعلمت ذلك علي بن جبلة فقال بئسما صنع كان ينبغي له أن يقول له: أ أحمد ان الفقر يرجى له الغنى، فيشير باسمه. وكتب أبو العتاهية له وقد عتب عليه:
أبا جعفر هلا اقتطعت مودتي * فكنت مصيبا في اجرا ومصنعا فكم صاحب قد جل عن قدر صاحب * فالقى له الأسباب فارتفعا معا وجاء أبو العتاهية أحمد بن يوسف فحجبه فكتب اليه:
أراك تراع حين ترى خيالي * فما هذا يروعك من خيالي لعلك خائف مني سؤالا * ألا فلك الأمان من السؤال كفيتك ان حالك لم تمل بي * لأطلب منك تبديلا بحالي وان العسر مثل اليسر عندي * بأيهما منيت فلا أبالي فلما قرأها وصله واستكفه. وهجر أحمد بن يوسف أبا العتاهية فقال فيه:
في عداد الموتى وفي ساكني الدنيا * أبو جعفر أخي وخليلي لم يمت ميتة الوفاة ولكن * مات عن كل صالح وجميل نثره وتوقيعاته وبعض كلماته ورسائله في كتاب الأوراق حدثني عون بن محمد قال: كتب أحمد بن يوسف إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي وقد زاره إبراهيم بن المهدي: عندي من انا عنده، وحجتنا عليك اعلامنا لك والسلام قال ومن غير طريق عون أنه كتب تحت هذا:
عندي من تبهج القلوب له * فان تخلفت كنت مغبونا قال ومن توقيعات أحمد بن يوسف: وقع إلى عامل ظالم: الحق واضح لمن طلبه، تهديه محجته، ولا تخاف عثرته، وتؤمن في السر مغبته، فلا تنتقلن منه ولا تعدلن عنه، فقد بالغت في مناصحتك، فلا تحوجني إلى معاودتك، فليس بعد التقدمة إليك الا سطوة الإنكار عليك.
ووقع في كتاب: مستتم الصنيعة من صابرها، فعدل زيغها، واقام أودها. صيانة لمعروفه، ونصرة لرأيه. فان أول المعروف مستخف، وآخره مستثقل، تكاد أوائله تكون للهوى، وأواخره تكون للرأي. ولذلك قيل: رب الصنيعة أشد من ابتدائها.
ووقع في عناية انسان من بعض العمال: انا بفلان تام العناية وله شديد الرعاية. وكنت أحب ان يكون ما أرعيته طرفك من امره في كتابي، مستودعا سمعك من خطابي، فلا تعدلن بعنايتك إلى غيره. ولا تمنحن تفقدك سواه حتى تنيله ارادته، وتتجاوز به أمنيته إن شاء الله.
ووقع إلى رجل غصب رجلا ضيعة وكان غائبا فاستغلها سنين، وقدم الرجل فطالبه، فقال: الضيعة لي وفي يدي.
فوقع اليه أحمد بن يوسف: الحق لا تخلق جدته، وان تطاولت بالباطل مدته. فان أنطقت حجتك بافصاح، وأزلت مشكلها بايضاح غير لي وفي يدي فكثيرا ما أراها ذريعة الغاصب وحجة المغالب وفر حقك عليك، وسيق بلا كد إليك وان ركنت من البيان إليها، ووقفت من الاحتجاج عليها كانت حجته بالبينة أعلى، وكان بما يدعيه أولى، إن شاء الله .
ومن توقيعاته: ما عند هذا فائدة، ولا عائدة، ولا له عقل أصيل، ولا فعل جميل.
ووقع إلى عامل قد اخر حمل مال: قد استبطاك الاغفال، وأبطرك الاهمال فما تصحب قولك فعلا، ولا تتبع وعدك انجازا، وقد دافعت بمال نجم لزمك حمله، حتى وجب عليك مثله، فاحمل مال ثلاثة أنجم، ليكون ما يتعجل منك أداء ما اخر عنك.
ووقع إلى رجل استماحه: وددت لو ملكت بغيتك، لبلغتك أمنيتك، ولكني في عمل قصدت فيه اتخاذ المحامد، وعدلت عن اقتناء الفوائد، فحسن نصيبي من الوفر، ووفر حظي من الشكر وقد أمرت لك ما يجل عنه قدرك، غير مختار له، بل مضطرا اليه فليكن منك عذر فيه وشكر عليه، إن شاء الله.
قال ومن كلامه: حدثنا القاسم بن إسماعيل حدثني إبراهيم بن العباس سمعت أحمد بن يوسف يقول: امرني المأمون ان اكتب إلى النواحي في الاستكثار من القناديل في المساجد في شهر رمضان فبت لا أدري كيف أفتتح الكلام، ولا كيف احتذيه فاتاني آت في منامي فقال: قل ان في ذلك عمارة للمساجد وإضاءة للمتهجد، ونفيا لمكامن الريب وتنزيها لبيوت الله