الدين وخروجه عن اجماع المسلمين قال الله عز وجل لنوح ع في ابنه يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح ولا صلة لاحد في معصية الله ولا قطيعة ما كانت في ذات الله وكتبت لأمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع واحصد لأمير المؤمنين امره وانجز له وعده فالأرض باكنافها اوطا مهاد لطاعته واتبع شئ لمشيئته وقد وجهت إلى أمير المؤمنين بالدنيا وهو رأس المخلوع وبالآخرة وهي البردة والقضيب والحمد لله الآخذ لأمير المؤمنين بحقه والكائد له من خان عهده ونكث عقده حتى رد الألفة واقام به الشريعة والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فرضي طاهر ذلك وانفذه ووصل أحمد بن يوسف وقدمه. قال وحدث محمد بن عبدوس انه لما حمل رأس المخلوع اليه وهو بمرو امر المأمون بانشاء كتاب عن طاهر بن الحسين ليقرأ على الناس فكتبت عدة كتب لم يرضها المأمون والفضل بن سهل فكتب أحمد بن يوسف هذا الكتاب فلما عرضت النسخة على ذي الرياستين رجع نظره فيها ثم قال لأحمد بن يوسف ما أنصفناك ودعا بقهرمانه واخذ القلم والقرطاس واقبل يكتب بما يفرع له من المنازل ويعد له من الفرش والآلات والكسوة والكراع وغير ذلك ثم طرح الرقعة إلى أحمد بن يوسف وقال له إذا كان في غد فاقعد في الديوان وليقعد جميع الكتاب بين يديك واكتب إلى الآفاق.
كتابه إلى المأمون في شان طلاب الصلات قال ياقوت وحدث يعني الصولي فيما رفعه إلى إبراهيم بن إسماعيل قال كثر الطلاب للصلات بباب المأمون فكتب اليه أحمد بن يوسف: داعي نداك يا أمير المؤمنين ومنادي جدواك جمعا الوفود بباك يرجون نائلك المعهود فمنهم من يمت بحرمة ومنهم من يدل بخدمة وقد أجحف بهم المقام وطالت عليهم الأيام فان رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسيبه ويحقق حسن ظنهم بطوله فعل إن شاء الله تعالى. فوقع المأمون:
الخير متبع وأبواب الملوك مغان لطالبي الحاجات ومواطن لهم ولذلك قال الشاعر:
يسقط الطير حيث يلتقط الحب * وتغشى منازل الكرماء فاكتب أسماء من ببابنا منهم واحك مراتبهم ليصل إلى كل رجل قدر استحقاقه ولا تكدر معروفنا عندهم بطول الحجاب وتأخير الثواب فقد قال الشاعر:
فإنك لن ترى طردا لحر * كالصاق به طرف الهوان أشعاره أورد له أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق أشعارا كثيرة ومنها ما فيه مجون وخلاعة صنا كتابنا عنه فلم ننقله، ونحن نعجب لشيوع المجون والخلاعة في ذلك العصر من الكتاب والوزراء بنحو مخجل. وروى الصولي وحكى ياقوت في معجم الأدباء ما معناه انه كان للمأمون جارية اسمها مؤنسة كانت تعتني بأحمد بن يوسف وكان أحمد بن يوسف يقوم بحوائجها فجرى بينها وبين المأمون بعض ما يجري فخرج المأمون إلى الشماسية يريد سفرا وخلفها فجاء رسولها إلى أحمد بن يوسف مستغيثة به فلحق المأمون بالشماسية، فقال للحاجب: أعلم أمير المؤمنين أن أحمد بن يوسف بالباب، وهو رسول فاذن له فدخل، فسأله عن الرسالة ما هي؟ فاندفع ينشد شعرا عمله عنها:
قد كان عتبك مرة مكتوما * فاليوم أصبح ظاهرا معلوما نال الأعادي سؤلهم لا هنئوا * لما رأونا ظاعنا ومقيما والله لو أبصرتني لوجدتني * والدمع يجري كالجمان سجوما هبني أسات فعادة لك أن ترى * متفضلا متجاوزا مظلوما فقال المأمون: قد فهمت الرسالة، كن الرسول بالرضى يا ياسار امض معه فاحملها، فحملها ياسر اليه.
وفي كتاب الأوراق: حدثنا عون بن محمد قال: كان أحمد بن يوسف عدوا لسعيد بن سالم الباهلي وولده، فذكرهم يوما فقال: لولا ان الله عز وجل ختم نبوته بمحمد ص وكتبه بالقرآن لا نبعث فيكم نبي نقمة، وانزل عليكم قرآن غدر، وما عسيت أن أقول في قوم محاسنهم مساوئ السفل ومساويهم فضائح الأمم.
وقال يهجوهم:
أبني سعيد إنكم من معشر * لا تحسنون كرامة الأضياف قوم لباهلة بن اعصر ان هم * فخروا حسبتهم لعبد مناف مطلوا الغداء إلى العشاء وقربوا * زادا لعمرو أبيك ليس بكافي بينا كذاك اتاهم كبراؤهم * يلحون في التبذير والاسراف وكأنني لما حططت إليهم * رحلي حططت بابرق العزاف وهو القائل فيهم:
أبني سعيد انكم من معشر * لا تثارون دماءكم ان طلت لجلجتم وحباكم معقودة * ولقلما تغني إذا هي حلت وإذا تشم أنوفكم رعم الغذا * أنت لعادتها اليه وحنت وباي سيف تثارون دماءكم * وسيوفكم مذ أغمدت ما سلت قال وهو القائل في عمرو بن سعيد بن سالم:
يا صاح خذ في غير ذكر الطعام * دون طعام القوم كسر العظام وحالف النوم عسى انه * يطوف منه طائف في المنام ما حرم الله على زائر * زادك يا عمرو واكل الحرام الناس في فطر سوى شهرهم * ودهر أضيافك شهر الصيام واهدى أحمد بن يوسف إلى المأمون لما استكتبه لوزارته، واستخصه في يوم مهرجان هدية بألف ألف درهم، وكتب اليه:
على العبد حق فهو لا شك فاعله * وان عظم المولى وجلت فضائله ألم ترنا نهدي إلى الله ماله * وان كان عنه ذا غنى فهو قابله ولو كان يهدى للمليك بقدره * لقصر عبل البحر عنه وناهله ولكننا نهدي إلى من نجله * وان لم يكن في وسعنا ما يشكاله قال واهدى أحمد بن يوسف هدية إلى المأمون في عيد وكتب اليه هذا يوم جرت فيه العادة، باهداء العبيد للسادة، وقد أهديت لأمير المؤمنين قليلا من كثيره عندي وقلت:
اهدى إلى سيده العبد * ما ناله الإمكان والجهد وانما اهدى له ماله * يبدأ هذا ولذا رد