بيان: ظاهر الخبر عدم وجوب الاستحلال ممن اغتابه، وبه قال جماعة بل منعوا منه، ولا ريب أن الاستحلال منه أولى وأحوط إذا لم يصر سببا لمزيد إهانته ولإثارة فتنة لا سيما إذا بلغه ذلك، ويمكن حمل هذا الخبر على ما إذا لم يبلغه، وبه يجمع بين الأخبار.
قال المحقق الطوسي في التجريد عند ذكر شرائط التوبة: ويجب الاعتذار إلى المغتاب مع بلوغه. وقال العلامة في شرحه: المغتاب إما أن يكون بلغه اغتيابه أم لا، ويلزم على الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه، والندم عليه، وفي الثاني لا يلزمه الاعتذار، ولا استحلال منه لأنه لم يفعل به ألما، وفي كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفته في النهي، والعزم على ترك المواعدة. إنتهى. ونحوه قال شارح الجديد لكنه قال في الأول: ولا يلزمه تفصيل ما اغتاب إلا إذا بلغه على وجه أفحش. إنتهى (1).
قال الشهيد الثاني: ولا فرق بين غيبة الصغير والكبير، والحي والميت، والذكر والأنثى، وليكن الاستغفار والدعاء له على حسب ما يليق بحاله، فيدعو للصغير بالهداية وللميت بالرحمة والمغفرة، ونحو ذلك ولا يسقط الحق بإباحة الإنسان عرضه للناس، لأنه عفو عما لم يجب، وقد صرح الفقهاء بأن من أباح قذف نفسه لم يسقط حقه من حده.
وما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم، كان إذا خرج من بيته قال: اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس، معناه أني لا أطلب مظلمة في القيامة، ولا أخاصم عليها، لا أن غيبته صارت بذلك حلالا وتجب النية لها كباقي الكفارات. والله الموفق (2).
وتقدم في " جلس ": المنع عن مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم.
أمالي الصدوق: عن مولانا الصادق صلوات الله عليه قال: لا تغتب فتغتب،