والأول قد يعبر عنه بالعلم بالمكفوف المخزون، وعليه يحمل الأدلة الدالة على الاختصاص بالله تعالى.
والثاني بالعلم المبذول إلى الملائكة والأنبياء والمرسلين والأوصياء المرضيين، وعليه يحمل الأدلة المثبتة لعلمهم بالغيب، ثم ذكر جملة من الروايات الواردة في أن لله علمين، وذكر بعض الكلمات في ذلك.
الوجه الثالث أن يحمل الأدلة الحاصرة لعلم الغيب بالله على الخمسة المذكورة في الآية، والأدلة المثبتة له على غيره تعالى على ما سوى الخمسة. ثم استدل لهذا على كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الخطبة ومرسلة القمي ورواية الخصال عن أبي أسامة عن الصادق (عليه السلام) ورواية البصائر عن الأصبغ المذكورات في كتاب " اثبات ولايت ".
ثم قال: هذا الجمع يشكل من وجهين: أحدهما أن أشياء كثيرة أخبروا بأنهم لا يعلمونها وليست من هذه الخمسة. وثانيهما أنهم كثيرا ما أخبروا بكثير من هذه الأمور الخمسة، كما هو واضح لمن تتبع الأخبار والآثار.
ثم ذكر جملة من إخبارات أمير المؤمنين (عليه السلام)، وجملة من أخبار إخبارهم بآجال الناس، والأخبار الدالة على علمهم بالمنايا والبلايا والأنساب، وعلمهم بأنهم متى يموتون، وبعلمهم بما في الأرحام وبما يصيبون ويكتسبون، وبنزول المطر فوق حد الإحصاء.
وروى أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن الإمام لو لم يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه.
قال: ويمكن التفصي عن هذين الإشكالين:
أما عن الأول فبحمل ما أخبروا بأنهم لا يعلمونه، على أنهم لا يعلمونه من تلقاء أنفسهم على ما تقدم.
وعن الثاني بنقل كلمات العلامة المجلسي في البحار باب أنهم لا يعلمون الغيب، ومعناه في آخر الباب بعد نقل الآيات والأخبار. ونقلناه بتمامه في كتاب